ج ٨، ص : ١٩٧
الا من جنس الوالد ناشيا من بعض اجزائه الْقَهَّارُ (٤) القهارية المطلقة ينافى المشاركة وقبول الزوال المحوج إلى الولد ثم استدل على ذلك بقوله.
خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ أى متلبسا بالحق غير عابث بل ليكون دليلا على الصانع يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ
يغشى كل واحد منهما الاخر كأنَّه يلف عليه لف اللباس باللابس أو يغيبه به كما يغيب الملفوف باللفاف أو يجعله كارا عليه كرورا متتابعا مثل اكوار العمامة والحاصل انه يخلق كل واحد منهما عقيب الاخر قال الحسن والكلبي ينقص من الليل ويزيد فى النهار وينقص من النهار ويزيد فى الليل وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي فى الفلك لِأَجَلٍ مُسَمًّى أى ليوم القيامة أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الغالب القادر على كل شىء الْغَفَّارُ (٥) حيث لم يعاجل فى العقوبة ولم يسلب ما فى هذه الصنائع من الرحمة والمنفعة -.
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ يعنى آدم عليه السلام خلقها من غير اب وأم ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها استدلال اخر بما أوجده فى العالم السفلى وثمّ للعطف على محذوف هو صفة نفس اعنى خلقها أو على معنى واحدة أى من نفس وحّدت ثم جعل منها زوجها فشفعها بها أو على خلقكم والعطف بثم لتفاوت ما بين الآيتين فان الأول عادة مستمرة دون الثانية وقيل معنى قوله خلقكم من نفس انه أخرجكم من ظهره كل ذرية ذراها حين أخذ الميثاق ثم خلق منها حواء زوجها وَأَنْزَلَ لَكُمْ أى قضى وقسّم لكم فان قضاياه وقسمه يوصف بالنزول من السماء لما كتب فى اللوح أو المعنى أحدث لكم بأسباب نازلة من السماء كاشعة الكواكب والأمطار وقيل معناه خلق فى الجنة مع آدم عليه السلام ثم انزل منها لكم مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ ذكر وأنثى من الإبل وو البقر والضأن والمعز حال من الانعام يَخْلُقُكُمْ جملة مبينة لما سبق أى يخلق الانس والانعام فيه تغليب لذوى العقول على غيرهم فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم يكسى لحما ثم ينفخ فيه الروح فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ظلمة البطن والرحم والمشيمة أو الصلب والرحم والبطن ذلِكُمُ