ج ٨، ص : ٢٠٥
ان يكون أفأنت تنقذ جملة مستأنفة للدلالة على ذلك والاشعار بالجزاء المحذوف تقديره أفمن حقّ عليه كلمة العذاب تهديه أفأنت تنقذ من فى النّار فان من حقّ عليه كلمة العذاب كأنَّه فى النار حالا - ثم استدرك لدفع توهم كون سعيه صلى اللّه عليه وسلم غير مفيد مطلقا بقوله.
لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ يعنى لكن الذين حق لهم كلمة الرحمة وسبق فى علم اللّه انهم يتقون ربهم فى إيراده بصيغة الماضي أيضا اشعار بان من حكم بانهم يتقون فهم كالذين وقع منهم التقوى لَهُمْ غُرَفٌ منازل رفيعة فى الجنة مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ منازل ارفع من الاولى مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا أى من تحت كل من الفوقانية والتحتانية الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ أى وعدهم اللّه تلك الغرف وعدا مصدر مؤكد لنفسه لأن قوله لهم غرف فى معنى الوعد لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ (٢٠) لأن الخلف نقص وهو على اللّه محال عن أبى سعيد الخدري رضى اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ان أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر فى الأفق من المشرق والمغرب لتفاضل ما بينهم قالوا يا رسول اللّه تلك منازل الأنبياء لا يبلغهم غيرهم قال بلى والذي نفسى بيده رجال أمنوا باللّه ورسوله وصدقوا المرسلين - وقد ذكرنا الأحاديث الواردة فى الباب فى تفسير سورة الفرقان فى تفسير قوله تعالى أولئك يجزون الغرفة بما صبروا -.
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً مطرا الاستفهام للانكار وانكار النفي اثبات وانّ مع جملتها قائم مقام المفعولين لِأ لم تر فَسَلَكَهُ فادخله يَنابِيعَ فِي الْأَرْضِ الظرف متعلق بسلكه على طريقة قوله تعالى كذلك سلكناه فى قلوب المجرمين وينابيع حال من الضمير المنصوب قال الشعبي كل ماء فى الأرض فمن السماء وجاز ان يكون ينابيع مفعولا ثانيا لسلكه على التوسع على طريقة أدخلته بيتا فى الدار والينبوع جاء للمنبع والنابع فعلى الأول للنابع وعلى الثاني للمنبع ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ أى أخرج بالماء زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ اصنافه من بر وشعير وغيرهما أو كيفياته من خضرة وحمرة وغيرهما ثُمَّ يَهِيجُ أى ييبس فَتَراهُ بعد خضرته ونضرته مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطاماً فتاتا منكسرا


الصفحة التالية
Icon