ج ٨، ص : ٢٠٦
إِنَّ فِي ذلِكَ الأحداث والتغير لَذِكْرى أى لتذكيرا على وجود الصانع القديم القادر الحكيم الذي دبّره وسوّاه على انه مثل الحيوة الدنيا فلا ينبغى ان يغتر بها لِأُولِي الْأَلْبابِ (٢١) إذ لا يتذكر بها غيره ومن لم يتذكر فليس من اولى الألباب بل كالانعام بل أضل منها..
أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ يعنى أفاض فى قلبه نورا أدرك به الحق حقا والباطل باطلا فاذعن بكل ما جاء به النبي صلى اللّه عليه وسلم بلا ارتياب عبّر عن تلك الحالة بشرح الصدر لأن الصدر محل القلب والروح القابل للاسلام فإذا كان قلبه قابلا لاحكام الإسلام صار كظرف انشرح وتفسح حتى حال فيه المظروف فَهُوَ أى ذلك الشخص عَلى نُورٍ أى بصيرة مِنْ رَبِّهِ الهمزة للانكار والفاء للعطف على ما فهم مما سبق من قوله تعالى أفمن حقّ عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من فى النّار لكن الّذين اتّقوا ربّهم فانه يفهم منه الفرق بين المؤمن والكافر والموصول مبتدا وخبره محذوف يدل عليه ما بعده والإنكار راجع إلى مضمون الفاء كأنَّه قال لما ثبت الفرق بين المؤمن والكافر فليس من شرح اللّه صدره للاسلام وترتب عليه كونه على نور من ربه فامن واهتدى كمن طبع اللّه على قلبه فقسى عن ابن مسعود قال تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أفمن شرح اللّه صدره للاسلام فهو على نور من ربّه قلنا يا رسول اللّه كيف انشرح صدره قال إذا دخل النور القلب انشرح صدره وانفسح قلنا يا رسول اللّه فما علامة ذلك قال الانابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والتأهب للموت قبل نزوله.
رواه البغوي والحاكم والبيهقي فى شعب الايمان فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ الفاء للسببية مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ متعلق بالقاسية والمعنى من أجل ذكر اللّه أى إذا ذكر اللّه عندهم أو تليت عليهم آياته اشتدت قساوتهم وهو ابلغ من ان يكون عن مكان من لأن القاسية من أجل الشيء أشد تأبيا من القبول من القاسي عنه بسبب اخر وللمبالغة فى وصف أولئك بالقبول وهؤلاء بالامتناع ذكر شرح الصدر وأسنده إلى اللّه وقابله بقساوة القلب وأسنده إلى القلب فهذه الآية فى معنى قوله تعالى والّذين فى قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون وقيل بحذف المضاف تقديره من ترك ذكر اللّه أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٢) قال


الصفحة التالية
Icon