ج ٨، ص : ٢٢٢
فنزلت ما فى سورة الفرقان والّذين لا يدعون مع اللّه الها اخر إلى قوله غفورا رحيما ونزلت.
قُلْ يا عِبادِيَ الآية قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي « و يعقوب وخلف - أبو محمد » بسكون الياء وحذفها وصلا لاجتماع الساكنين والباقون بفتحها « ١ » وأخرج ابن أبى حاتم بسند صحيح عن ابن عباس انها نزلت فى مشركى مكة كذا ذكر البغوي قول عطاء عن ابن عباس وكذا أخرج الطبراني عن ابن عباس بسند ضعيف انه بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى وحشي قاتل حمزة يدعوه إلى الإسلام فارسل إليه كيف تدعونى إلى دينك وأنت تزعم انه من قتل أو أشرك أو زنى يلق أثاما يّضاعف له العذاب يوم القيامة وانا قد فعلت ذلك كله فانزل اللّه تعالى الّا من تاب وأمن وعمل عملا صالحا فقال وحشي هذا شرط شديد لعلى لا اقدر على ذلك فهل غير ذلك فانزل اللّه تعالى انّ اللّه لا يغفر ان يّشرك به فيغفر ما دون ذلك لمن يشاء فقال وحشي أراني بعد فى شبهة فلا أدرى يغفرلى أم لا فانزل اللّه هذه الآية - زاد البغوي فقال المسلمون هذا له خاصة أم للمسلمين عامة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بل للمسلمين عامة - وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال كنا نقول ما للمفتتن توبة إذا ترك دينه بعد إسلامه ومعرفته فلمّا قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المدينة انزل فيهم قل يعبادى الّذين أسرفوا الآية - وذكر البغوي انه روى عن ابن عمر انه قال نزلت هذه الآية فى عيّاش بن ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا قد اسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا فكنا نقول لا يقبل اللّه من هؤلاء صرفا ولا عدلا ابدا قوم اسلموا ثم تركوا دينهم لعذاب عذبوا فيه فانزل اللّه تعالى هذه الآيات فكتبها عمر بيده ثم بعث بها إلى عيّاش بن ربيعة والوليد بن الوليد وأولئك النفر فاسلموا وهاجروا الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أى افرطوا بالجناية عليها بالكفر والمعاصي قال البغوي روى عن ابن عمر انه أراد بالإسراف الكبائر لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أى لا تيئسوا من مغفرته و
تفضله إذا أمنتم وتبتم عن الشرك وهذا القيد ثابت بالإجماع وبقوله تعالى انّ اللّه لا يغفر ان يّشرك به وبالروايات الواردة فى سبب نزول الآية فالمعنى لا تتركوا الايمان اياسا من رحمة اللّه بناء على ما اسرفتم من قبل إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً
_________
(١) وفى الأصل بحذفها ولا شك انه سباق قلم.


الصفحة التالية
Icon