ج ٨، ص : ٢٢٩
عليه لما تضمنه قوله لو انّ اللّه هدانى لكنت من المتّقين فان معناه لم يهدنى اللّه فان كان المراد بها اراءة الطريق فالمعنى بلى قد هديتك حيث أرسلت إليك رسولى وجاءتك كتابى فكذبت بها وكان قوله لو انّ اللّه هدانى إنكارا لتبليغ الرسل كما جاء فى الحديث يدعى نوح يوم القيامة فيقال له هل بلّغت فيقول نعم فيدعى أمته فيقال لهم هل بلّغكم فيقولون لا ما جاءنا من بشير ولا نذير وقد ذكرنا الحديث فى تفسير قوله تعالى وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وقوله تعالى فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ وان كان المراد بها خلق الهداية والإيصال إلى المطلوب فقولهم مبنى على التشبث بالجبر وانكار قدرتهم على كسب الايمان والطاعة فمعنى الآية بلى قد خلقت فيك القدرة التي يترتب عليها العذاب والثواب فكذّبت باختيارك لما جاءتك آياتي وهذا لا ينافى تأثير قدرت اللّه فى افعال العباد كما هو مذهب أهل السنة والجماعة فان قيل فما وجه الفصل بين الرد والمردود قلنا وجه ذلك ان تقديم هذه الآية مفرق القرائن وتأخير المردود يخل بالنظم المطابق للوجود لأنه يتحسر بالتفريط ثم يتعلل بفقد الهداية ثم يتمنى الرجعة وتذكير الخطاب نظرا إلى المعنى.
وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ بان وصفوه بما لا يجوز كاتخاذ الولد وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ الجملة حال من مفعول ترى لأنه من رؤية البصر أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) عن الايمان والجملة تقرير لكونهم يرون ذلك.
وَيُنَجِّي اللَّهُ من جهنّم الَّذِينَ اتَّقَوْا من الشرك بِمَفازَتِهِمْ قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر « و خلفه أبو محمد » بمفازاتهم بالألف على الجمع والباقون بغير الف على الافراد أى بفلاحهم وتفسيرها بالنجاة تخصيص باهم اقسامه وبالسعادة والعمل الصالح اطلاق للمسبب على السبب والباء للسببية صلة لينجى أو لقوله لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١) حال أو استئناف لبيان المفازة -.
اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ ءٍ من الخير والشر والايمان والكفر هذه الجملة متصلة بقوله اللّه يتوفّى الأنفس وما بينهما معترضات وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ وَكِيلٌ (٦٢) أى الأشياء كلها موكولة إليه وهو القائم بحفظها الجملة عطف أو حال.
لَهُ مَقالِيدُ