ج ٨، ص : ٢٣٣
ان تخريب العالم أهون شىء عليه - وقال علماء البيان هذا الكلام وارد على طريقة التمثيل والتخيل من غير اعتبار القبضة واليمن حقيقة ولا مجازا كقولهم شابّت لمة الليل - ووجه نزول الآية بعد قول اليهودي تصديق ما حكاه اليهودي عن التورية فان كتب اللّه تعالى مصدقة بعضها لبعض - وفى الصحيحين حديث ابن مسعود بلفظ جاء حبر من اليهود إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال يا محمد ان اللّه يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع والجبال والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن فيقول انا الملك انا اللّه فضحك النبي صلى اللّه عليه وسلم تعجّبا ممّا قال الحبر تصديقا له ثم قرأ وما قدروا اللّه حقّ قدره الآية - لعل وجه التطبيق بين رواية الترمذي ورواية الصحيحين ان الآية نزلت حينئذ فقرأها النبي صلى اللّه عليه وسلم كما نزلت على اليهودي وفى الصحيحين عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقبض اللّه الأرض يوم القيامة ويطوى السماء بيمينه ثم يقول انا الملك اين ملوك الأرض - وروى مسلم عن عبد اللّه بن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يطوى اللّه السماوات يوم القيامة ثم يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول اين الجبارون اين المتكبرون ثم يطوى الأر ضين بشماله - وفى رواية يأخذهن بيده الاخرى ثم يقول انا الملك اين الجبارون اين المتكبرون - وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة جمع الله السماوات والأرضين السبع فى قبضة ثم يقول انا اللّه انا الرحمان انا الملك انا القدوس انا المؤمن انا المهيمن انا العزيز انا الجبار انا المتكبر انا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا انا الذي أعيدها اين الملوك اين الجبابرة - قال القاضي عياض القبض والطى والاخذ كلها بمعنى الجمع فان السماوات مبسوطة والأرض مدحوة ممدودة ثم رجع ذلك إلى معنى
الرفع والازالة والتبديل وقال القرطبي المراد بالطي الاذهاب والافناء وأخرج ابن أبى حاتم عن الحسن قال عدّت اليهود فنظروا فى خلق السماوات والأرض والملائكة فلمّا فرغوا أخذوا يقدرونه فانزل اللّه تعالى وما قدروا اللّه حق قدره وأخرج عن سعيد بن جبير قال قال تكلمت اليهود فى صفة الرب فقالوا بما لم يعلموا ولم يروا فانزل اللّه تعالى وما قدروا اللّه الآية وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن