ج ٨، ص : ٢٥٢
ضياع فانهم أرادوا ابطال امر موسى فرد اللّه عليهم كيدهم واهلكهم وجعل موسى ومن تبعه ملوك الأرض.
وَقالَ فِرْعَوْنُ لقومه ذَرُونِي قرأ ابن كثير بفتح الياء والباقون بإسكانها أَقْتُلْ مُوسى وقال البغوي انما قال هذا لأنه كان فى خاصة قوم فرعون من يمنعه من قتل موسى خوفا من الهلاك كانوا يقولون انه ليس للذى تخافه بل هو ساحر ولو قتلته لظن الناس انك عجزت عن معارضته بالحجة قال البيضاوي فيه دليل على انه تيقن بنبوة موسى فخاف من قتله أو ظن وانه لو حاوله لم يتيسر له ويؤيده قوله وَلْيَدْعُ موسى رَبَّهُ الذي يزعم انه أرسله إلينا فيمنعه منا فانه تجلد وعدم مبالاة بدعائه وكان قوله ذرونى اقتل موسى تمويها على قومه وإيهاما بانهم هم الذين يكفونه عن قتله وما كان يكفه الا ما استقر فى قلبه من هول امر العصا إِنِّي قرأ نافع وابن كثير و « و أبو جعفر - أبو محمد » وأبو عمرو بفتح الياء والباقون بإسكانها أَخافُ ان لم اقتله أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أى يغير ما أنتم عليه من عبادة الأصنام لقوله تعالى ويذرك والهتك أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (٢٦) قرأ يعقوب واهل الكوفة أو ان والآخرون وان وقرأ أهل المدينة والبصرة « و حفص » يظهر بضم الياء وكسر الهاء من الافعال والفساد بالنصب على المفعولية والباقون بفتح الياء والهاء من المجرد ورفع الفساد على الفاعلية وأراد بالفساد تبديل الدين وعبادة الأوثان أو ما يفسد الدنيا من التجارب والتهارج..
وَقالَ مُوسى لقومه لما توعده فرعون بالقتل إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ (٢٧) صدر الكلام بانّ تأكيدا واشعارا على ان السبب المؤكد فى دفع الشر هو العياذ باللّه وخص اسم الرب لأن المطلوب هو الحفظ والتربية وإضافته إليه وإليهم لأن حفظ موسى متضمن ومتكفل لحفظهم أجمعين وحثا لهم على موافقته فى الاستعاذة لما فى تظاهر الأزواج من استجلاب الاجابة ولم يذكر فرعون وذكر وصفا يعمه وغيره لتعميم الاستعاذة ورعاية الحق والدلالة على الحامل له على الشر وجاز ان يكون هذا خطابا لفرعون وقومه وفى قوله ربّكم تنبيه على التوحيد وانكار على اشراكهم.