ج ٨، ص : ٢٥٨
مُرْتابٌ (٣٤) أى شاك فيما يشهد به البينات لغلبة الوهم والانهماك فى التقليد.
الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بدل من الموصول الأول لأنه بمعنى الجمع بِغَيْرِ سُلْطانٍ حجة واضحة بل اما بتقليد أو شبهة داحضة أَتاهُمْ من عند اللّه كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا فيه ضمير من وافراده نظرا إلى لفظه ويجوز ان يكون الّذين مبتدا وخبره كبر على حذف مضاف تقديره وجدال الّذين يجادلون فى آيات اللّه كبر مقتا أو الذين مبتدا وخبره بغير سلطان وفاعل كبر كَذلِكَ على ان كاف اسم بمعنى مثل أى كبر مقتا مثل ذلك الجدال فيكون قوله يَطْبَعُ اللَّهُ استئنافا للدلالة على موجب جدالهم وجاز ان يكون المعنى كذلك مثل اضلالهم يطبع اللّه أى يختم بالضلال ويوثق عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ (٣٥) بحيث لا يدخله نور الايمان قرأ أبو عمرو وابن ذكوان قلب بالتنوين على وصفه بالتكبر والتجبر لأنه صنيعهما كقولهم رات عينى وسمعت اذنى أو على حذف المضاف تقديره على قلب كل ذى قلب متكبر جبار والباقون بالاضافة..
وَقالَ فِرْعَوْنُ لوزيره هامان يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً أى بناء عاليا لا يخفى على الناظر وان بعد ومنه التصريح بمعنى الإظهار لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أى الطرق.
أَسْبابَ السَّماواتِ أى طرقها وابوابها من سماء إلى سماء وكل ما يؤدى إلى شىء فهو سبب له كالرشاء والدلو للماء واسباب الثاني بيان للاول وفى إيضاحها بعد ابهامها تفخيم لشانها وتشويق للسامع إلى معرفتها فَأَطَّلِعَ قرأ حفص بالنصب على جواب لعل بالفاء والباقون بالرفع عطفا على ابلغ إِلى إِلهِ مُوسى الظاهر انه امر بالبناء كبناء نمرود وذكرناه فى سورة النمل وقال البيضاوي لعله أراد ان يبنى له رصدا فى موضع عال يرصد منه احوال الكواكب التي هى اسباب سماوية تدل على الحوادث الارضية فيرى هل فيها ما يدل على إرسال اللّه تعالى إياه - أو ان يرى الناس فساد قول موسى بان اخباره من اله السماء يتوقف على اطلاعه ووصوله إليه وذلك