ج ٨، ص : ٢٥٩
لا يتاتى الا بالصعود إلى السماء وهو ممّا لا تقوى عليه الإنسان وذلك لجهله باللّه وكيفية استنبائه وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً فى دعوى الرسالة وَكَذلِكَ أى تزيينا مثل ذلك التزين يعنى تزيين بناء الصرح للاطلاع على رب السماوات زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ أى كل عمل سئ يأباه العقل السليم يعنى أفسد اللّه بصيرته فكان يرى كل عمل سئ حسنا وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ سبيل الرشاد قرأ الكوفيون ويعقوب بضم الصاد على البناء للمفعول والفاعل على الحقيقة هو اللّه سبحانه يضلّ من يشاء ويهدى من يشاء والباقون بفتح الصاد يعنى صدّ فرعون الناس عن الهدى بامثال هذه الشبهات والتمويهات ويؤيده قوله تعالى وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ فى ابطال امر موسى إِلَّا فِي تَبابٍ (٣٧) أى فى خسار وضياع -.
وَقالَ الَّذِي آمَنَ من ال فرعون يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ قرأ ابن كثير « و يعقوب - أبو محمد » اتّبعونى بإثبات الياء فى الحالين وقالون وأبو عمرو « و أبو جعفر - أبو محمد » وصلا فقط والباقون بحذف الياء فى الحالين أَهْدِكُمْ أى أدلكم سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) أى سبيلا يوصل سالكه إلى المقصود وفيه تعريض إلى ان ما عليه فرعون وقومه هو سبيل الغىّ.
يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ يسير يتمتعون بها مدة يسيرة ثم ينقطع وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ (٣٩) التي لا تزول فعليكم بما ينفعكم فى الاخرة.
مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ أى فى حال الايمان فان الايمان شرط لجزاء كل عمل صالح لأن اللّه تعالى هو المالك للجزاء فلا بد للايمان به على ما يرتضيه حتى يجزى ما عمل لوجهه خالصا فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ (٤٠) بغير تقدير وموازنة للاعمال بل أضعافا مضاعفة فضلا منه ورحمة.
وَيا قَوْمِ ما لِي قرأ الكوفيون وابن ذكوان « و يعقوب - أبو محمد » بسكون الياء والباقون بفتحها والمعنى ما لكم كما تقول ما لى أراكم حزينا يعنى أخبروني كيف حالكم على خلاف ما يقتضيه العقل والعرف أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ من النار