ج ٨، ص : ٢٦٩
انه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول على المنبر فذكر الحديث - أورد النبي صلى اللّه عليه وسلم ضمير الفصل والخبر معرفا باللام ويقصد فى أمثال ذلك حصر المسند على المسند إليه كما فى قوله تعالى انّ اللّه هو الرّزّاق أى لا رازق سواه وقد يقصد قصر المسند إليه على المسند كما فى قوله الكرم هو التقوى والحسب هو الايمان يعنى لا كرم الا التقوى ولا حسب الا الايمان وهاهنا يحتمل المعنيين والحصر انما هو على سبيل المبالغة ولعل المراد هاهنا ان الدعاء والعبادة متحدان بالذات مختلفان بالاعتبار والمفهوم فان كل دعاء وسوال فهو عبادة وطاعة لأن فى السؤال ذلّ وافتقار والعبودية فى اللغة اظهار التذلل والافتقار والعبادة ابلغ منها لانها غاية التذلل ولذا لا يستحقه الا اللّه تعالى وقضى ربّك الّا تعبدوا الّا ايّاه وكل عبادة وطاعة فهو سوال حيث قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اكثر دعائى ودعاء الأنبياء قبلى بعرفات لا اله الا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير - رواه ابن أبى شيبة فى المصنف وقال اللّه تعالى واخر دعويهم ان الحمد للّه ربّ العالمين قال الجزر كافى النهاية انما سمى التهليل والتحميد دعاء لأنه بمنزلته فى استيجاب ثواب اللّه وجزائه كالحديث الاخر إذ اشغل عبدى ثناءه علىّ عن مسئلتى أعطيته أفضل ما اعطى السائلين - وروى الترمذي ومسلم من شغله القرآن وذكرى عن مسئلتى أعطيته أفضل ما اعطى السائلين - وفى رواية من شغله القرآن وذكرى عن مسئلتى - الحديث - اعلم ان الدعاء منه ما هو فريضة وهو قوله تعالى اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ فى الفاتحة فى الصلاة أو سنة مؤكدة كالدعاء فى القعدة الاخيرة ومواقف الحج وغير ذلك ومنه ما هو حرام أو مكروه وهو قصر السؤال على لذات الدنيا وسوال ما هو معصية وسوال ما هو مستحيل أو ما فى معناه قال اللّه تعالى فَمِنَ
النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وقال اللّه تعالى وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ واما سوال كل امر يحتاج إليه العبد فى الدنيا والاخرة والاستعاذة من كل شر فمامور به مستحب بإجماع العلماء وذهب طائفة من الزهاد إلى انّ ترك الدعاء أفضل إسلاما للقضاء


الصفحة التالية
Icon