ج ٨، ص : ٣٤٤
إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ على دين وملة سميت أمة لانها يؤم كالرحلة للمرحول إليه وقال مجاهد على امام وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ (٢٢) يعنى لا حجة لهم عقلية ولا نقلية وانما جنحوا فيه إلى تقليد ابائهم الجهلة وسموا ذلك التقليد اهتداء.
وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ استثناء مفرغ صفة لقرية أى الا فى قرية قال مُتْرَفُوها أى منعموها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (٢٣) تسلية لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بان التقليد فى نحو ذلك ضلال قديم وان مقدّميهم أيضا لم يكن لهم علم مستند إلى شىء من اسباب العلم وفى تخصيص المترفين اشعار بان التنعم سبب للبطالة والصرف عن النظر الصحيح إلى التقليد.
قل قرأ حفص « و ابن عامر - أبو محمد » قالَ بصيغة الماضي على انه خبر عما قاله النذير والباقون بصيغة الأمر حكاية لامر ماض اوحى من قبل إلى النذير أو خطاب لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ويؤيد الأول سياق الكلام حيث قال فانتقمنا منهم بلفظ الماضي أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ قرأ أبو جعفر جئناكم على الجمع والباقون جئتكم على الافراد والهمزة لاستفهام الإنكار والواو للحال تقديره أتتبعون اباءكم ولو جئتكم بِأَهْدى أى بدين وطريقة اهدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا أى قال الكافرون فى جواب المنذرين إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ أى بما أرسلت به أنت ومن قبلك كافِرُونَ (٢٤) وان كان ذلك اهدى إقناطا للنذير من ان ينظروا أو يتفكروا فيه.
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ بالاستيصال فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٢٥) وكذلك ننتقم ممن كذبك فلا تهتم بتكذيبهم -.
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ أى برئ مصدر وضع موضع النعت مبالغة ولذا لا يثنى ولا يجمع مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) أى من عبادتكم أو من معبودكم يعنى اذكر وقت قوله ليروا كيف تبرأ عن التقليد وتمسك بالبرهان أو ليقلدوه ان لم يكن لهم بد من التقليد فانهم يعترفون به اشرف ابائهم.
إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي أى خلقنى استثناء منقطع أو متصل على ان يعم اولى العلم وغيرهم فانهم كانوا يعبدون الأوثان أو صفة على ان ما موصوفة أى انّنى براء من الهة تعبدونها غير الذي خلقنى