ج ٨، ص : ٣٨٧
مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ومن شرطية وجملة اتّخذ مع ما عطف عليه شرط علقت رايت عن العمل فمن يّهديه جزاؤه وهواه مفعول أول لاتّخذ والهه مفعول ثان يعنى جعل هواه معبوده فانه ترك امتثال أو امر اللّه والانتهاء عن مناهيه واتبع هواه فكانّه يعبده - قال ابن عباس والحسن وقتادة ذلك الكافر اتخذ دينه ما يهويه فلا يهوى شيئا الا ركب لأنه لا يؤمن باللّه ولا يخافه ولا يحرم ما حرم اللّه.
وقال الآخرون معناه اتخذ معبوده هواه فيعبد ما يهويه نفسه أخرج ابن جرير وابن المنذر وكذا ذكر البغوي قول سعيد بن جبير انه كانت العرب يعبدون الحجارة والذهب والفضة فإذا وجدوا احسن من الأول رموه وكسروه وعبدوا الاخر فنزلت هذه الآية قال الشعبي انما سمى الهوى لانّه يهوى صاحبه فى النار وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ أى عالما بضلاله وفساد استعداده وقيل على ما سبق فى علمه بانه ضال قبل ان يخلقه روى أحمد عن رجل من اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقال له أبو عبد اللّه دخل عليه أصحابه يعودونه وهو يبكى فقالوا له ما يبكيك الم يقل لك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خذ من شاربك ثم أقره حتى تلقانى قال بلى ولكن سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يقول ان اللّه عزّ وجلّ قبض بيمينه قبضته والاخرى باليد الاخرى وقال هذه لهذه وهذه لهذه ولا أبالي - ولا أدرى فى اىّ القبضتين انا وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ فلا يسمع الموعظة ولا يتفكر فى الآيات وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فلا ينظر بعين الاستبصار والاعتبار قرأ حمزة الكسائي وخلف - أبو محمد غشوة بفتح الغين وسكون الشين والباقون غشاوة وجاز ان يكون من موصولة وهى مع صلتها أول مفعولى رايت وثانيهما محذوف تقديره ارايته تهتدى وعلى هذا قوله فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ معطوف على قوله رايت والاستفهام للانكار ومعناه لا تهديه أحد بعد إضلال اللّه إياه وجملة أفرأيت معترضة أَفَلا تَذَكَّرُونَ (٢٣) عطف على محذوف تقديره الا تعقلون فلا تذكّرون.
اخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبى هريرة قال كان أهل الجاهلية يقولون انما