ج ٨، ص : ٣٩٦
قول أنس وقتادة والحسن وعكرمد قالوا انما قال هذا قبل ان يخبره بغفران ذنبه عام الحديبية فنسخ ذلك وهذا القول عندى غير مرضى إذ لا يخلو سورة من القرآن غالبا (مكية كانت أو مدينة) من الوعد للمؤمنين والوعيد للكافرين وكان من أول ما يوحى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ان انذر عشيرتك الأقربين يعنى بعذاب اللّه ان لم يؤمنوا وفى هذه السورة وهذا كتاب مصدّق لسانا عربيّا لّينذر الّذين ظلموا وبشرى للمحسنين انّ الّذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون أولئك اصحاب الجنّة الآية وكيف يكون عاقبة المسلمين والمشركين غير معلوم له صلى اللّه عليه وسلم وغير مذكور فى الكتاب فانه يقتضى اعتراض الكافرين ما أمرنا وامر محمد عند اللّه الا واحد وما نرى لك علينا من فضل فاىّ فائدة فى ترك دين الآباء واتباع الرسل ونزول قوله تعالى لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وقوله لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ بعد بضع عشر سنة تأخير للبيان عن وقت الحاجة وذلك محال - فان قيل روى البغوي بسنده عن خارجة بن يزيد قال كانت أم العلاء الانصارية تقول لما قدم المهاجرون اقترعت الأنصار على سكناهم فطار لنا عثمان بن مظعون رضى اللّه عنه فى السكنى فمرض فمرّضناه ثم انه توفّى فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فدخلت فقلت رحمة اللّه عليك أبا السائب شهادتى ان قد أكرمك اللّه فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ما يدريك ان اللّه قد أكرمه قلت لا واللّه لا أدرى فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم اما هو فقد أتاه اليقين من ربّه وانى لارجو له الخير واللّه ما أدرى وانا رسول اللّه ما يفعل بي ولا بكم قالت فو اللّه لا ازكى بعد أحدا ابدا قالت ثم رايت لعثمان بعد فى النوم عينا تجرى فقصّصتها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال ذاك عمله - وهذا الحديث يؤيد
قول من قال معناه ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم يوم القيامة والا فما معنى لهذا الحديث قلنا مقتضى هذا الحديث انه لا يجوز الحكم قطعا على شخص معين بالنجاة أو بالهلاك لأنه ادعاء علم الغيب ولا علم على البواطن والسرائر الا للّه سبحانه غير ان الرجل إذا كان ظاهر حاله خيرا يرجو له الخير ومعنى قوله صلى اللّه عليه وسلم واللّه ما أدرى وانا رسول اللّه ما يفعل بي