ج ٨، ص : ٣٩٧
ولا بكم انه قد علمنى اللّه علوم الأولين والآخرين ومع ذلك ما أدرى تفصيلا ما يفعل بي ولا بكم فى جزاء كل عمل مخصوص فكيف دريت أنت فى حق رجل معين ان اللّه قد أكرمه - وقيل مثل هذا التأويل فى الآية أيضا قالوا معنى الآية ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم فى الدارين إذ لا علم لى بالغيب وهذا لا يقتضيه سياق الآية بل سياق الآية ان الكفار كانوا يريدون من النبي صلى اللّه عليه وسلم ان يتبعهم فى الدين ويطمعونه - بجمع الأموال
له وإنكاح الأزواج بلا سوق مهر ويؤذونه ويخوّفونه على ترك الاتباع فمقتضى سياق الآية ان النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرهم بانه لا يطمع منهم ولا يخافهم ويعلم انهم غير قادرين على ما أرادوا بل الخير والشر كلاهما من اللّه تعالى يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد فمعنى الآية ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم من النصر والخذلان وانا لا اتبعكم على شىء من التقادير - إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ من القرآن لا اتركه ابدا قال البيضاوي جواب عن اقتراح الكفار الاخبار عمّا لم يوح إليه من الغيوب أو عن استعجال المسلمين ان يتخلصوا من أذى المشركين وبه قال البغوي قال جماعة قوله ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم فى الدنيا واما فى الاخرة فقد علم انه فى الجنة ومن كذّبه فهو فى النار ثم اختلفوا فقال ابن عباس لمّا اشتد البلاء باصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم راى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيما يرى النائم وهو بمكة ارض سباخ ونخل رفعت له يهاجر إليها فقال له أصحابه متى تهاجر إليها فسكت فانزل اللّه هذه الآية ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم ءانزل فى مكانى أو أخرج وإياكم إلى الأرض التي رفعت لى - وقال بعضهم معنى ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم أى إلى ما ذا يصير امرى فى الدنيا اما ان أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلى منهم ابراهيم عليه السلام أو اقتل كما قتل بعض الأنبياء من قبلى منهم يحيى عليه السلام وأنتم أيها المصدقون تخرجون معى أو تتركون أم ماذا يفعل بكم وما أدرى ما يفعل بكم أيها المكذبون اترمون بالحجارة كما رمى قوم لوط أم يخسف بكم كما خسف بقارون أم