ج ٩، ص : ٣٤
ثم يدخلون علينا فتحدث العرب انهم دخلوا علينا على رغم انفنا واللات والعزى لا يدخلونها فهذه حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ بدل من الحمية فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ حيث اطمئنوا وامتثلوا امر اللّه تعالى فى المنع عن القتال مع قدرتهم عليه وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وعكرمة والسدى وابن زيد واكثر المفسرين انها لا اله الا اللّه واللّه اكبر وقال عطاء ابن أبى رباح هى لا اله الا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير قال عطاء الخراسانى هى لا اله الا اللّه محمد رسول اللّه وقال الزهري هى بسم اللّه الرحمن الرحيم والمال واحد واضافة الكلمة إلى التقوى لانها سبب التقوى وأساسها والمراد كلمة أهل التقوى المراد بالزامهم إياها ثباتهم عليها بترك الحمية وَكانُوا أَحَقَّ بِها من كفار مكة وَأَهْلَها يعنى كانوا أهلها فى علم اللّه تعالى ولذلك اختارهم لتائيد دينه وصحبة نبيه ـ ﷺ ـ وهذه الآية وقوله تعالى لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ يبطل مذهب الروافض حيث يدعون كفر الصحابة رض ونفاقهم دمرهم اللّه تعالى - وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ ءٍ حتى بما أضمره الصحابة رض من الايمان وحب رسول اللّه ـ ﷺ ـ عَلِيماً ولما وقع الصلح وتقرر الرجوع إلى المدينة بغير دخول مكة وقد كان رسول اللّه ـ ﷺ ـ راى رؤيا ان يدخلها كما ذكرنا فى القصة قال الصحابة رض اين روياك يا رسول اللّه فنزلت.
لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا كذا ذكر البيهقي وغيره عن مجاهد والجملة جواب قسم محذوف أورد بصيغة الماضي والمراد به المستقبل ليدل على القطع فى وقوعه قال الجوهري الصدق والكذب يكونان فى القول يعنى الخبر إذا طابق الواقع كان صدقا والا كذبا ويستعملان فى الفعل أيضا فالصدق بمعنى التحقيق قال اللّه تعالى رجال صدقوا ما عاهدوا اللّه يعنى حققوا العهد وفى هذه الآية أيضا صدق فعل يعنى حقق اللّه رؤيا الرسول اللّه ـ ﷺ ـ وعلى هذا الرؤيا بدل اشتمال من رسوله وجاز ان يكون رسوله منصوبا بنزع الخافض يعنى حقق لرسوله الرؤيا أيضا قال الجوهري الصدق قد يتعدى إلى مفعولين قال اللّه تعالى لقد صدقكم اللّه وعده وعلى هذا رسوله المفعول الأول والرؤيا مفعوله الثاني وقال البيضاوي معناه صدقه فى رؤياه قال فى المدارك حذف الجار وأوصل الفعل - بِالْحَقِّ أى متلبسا بالحق أى الحكمة البالغة حال من الرؤيا أو صفة لمصدر محذوف أى صدقا متلبسا بالحق وهو القصد إلى التمييز بين الثابت على الايمان والمتزلزل فيه وجاز ان يكون بالحق قسما اما باسم اللّه تعالى أو بنقيض الباطل وجوابه لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ وعلى الأولين هذا ما قسم محذوف وقال ابن كيسان لتدخلن من قول رسول اللّه ـ ﷺ ـ لاصحابه حكاية عن روياه فاخبر اللّه تعالى عن رسوله انه قال ذلك وجاز ان يكون من


الصفحة التالية
Icon