ج ٩، ص : ٣٥
قول ملك الرؤيا حكاه اللّه تعالى وعلى التقديرين تقييده إِنْ شاءَ اللَّهُ مع كون الرسول ـ ﷺ ـ والملك على يقين منه تادبا بآداب اللّه تعالى حيث قال اللّه تعالى ولا تقولن لشىء انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء اللّه قال أبو عبيدة ان بمعنى إذ مجازه إذ شاء اللّه وقال الحسين بن الفضيل يجوز ان يكون الاستثناء من الدخول لأن بين الرؤيا وتصديقها كانت سنة وقد مات فى تلك السنة فمجاز الآية ليدخلن المسجد الحرام كل واحد منكم إنشاء اللّه آمِنِينَ حال من فاعل لتدخلن والشرط مفترض مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ يعنى محلقين قوم منكم جميع شعور رؤسهم ومقصرين آخرين بعض شعورها حالان من الضمير فى امنين أو حال مقدرة من فاعل لتدخلن لا تَخافُونَ حال مؤكدة لامنين أو استيناف يعنى لا تخافون بعد ذلك فَعَلِمَ الفاء للسببية عطف على محذوف تقديره اخر الدخول لحكمة فعلم من الحكمة فى التأخير ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ عطف على اخر المقدر مِنْ دُونِ أى اقرب من ذلِكَ الدخول فَتْحاً قَرِيباً يعنى فتح خيبر أو صلح الحديبية.
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى أى متلبسا به أو السببية أو لاجله وَدِينِ الْحَقِّ أى دين الإسلام لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ يعنى جنس الأديان كلها بنسخ ما كان حقا واظهار فساد ما كان باطلا بالحجج والآيات أو بتسليط المسلمين على أهلها فى وقت من الأوقات وَكَفى بِاللَّهِ الباء زائدة شَهِيداً حال من اللّه أو تميز من النسبة يعنى كفى اللّه شاهدا أو كفى شهادة اللّه على ما وعد من الفتح أو على رسالة الرسول بإظهار المعجزات على يديه وفى هذه الآية تأكيد لما وعد من دخول المسجد الحرام وكلتاهما تاكيدان لقوله تعالى إِنَّا فَتَحْنا لَكَ وما بينهما معترضات.
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جملة مبنية للمشهود به ويجوز ان يكون رسول اللّه صفة ومحمد خبر مبتداء محذوف أى هو الذي أرسله بالهدى محمد أو مبتدأ وقوله تعالى وَالَّذِينَ مَعَهُ معطوف عليه وما بعده خبرهما والموصول مبتداء وما بعده خبره والجملة معطوف على الجملة أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ امتثالا لامر اللّه تعالى حيث قال يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم وقال لا تأخذكم بهما رافة فى دين اللّه وقال ومن يتولهم منكم فانه منهم وأمثال ذلك كثيرة رُحَماءُ بَيْنَهُمْ يعنى يتراحمون فيما بينهم ويتوادون حبا للّه ولرسوله فان محب المحبوب محبوب فى الحديث القدسي اين المتحابون فى جلالى اليوم أظلهم تحت ظلى يوم لا ظل الا ظلى رواه مسلم عن أبى هريرة مرفوعا - وسيجيئ قوله ـ ﷺ ـ من أحبهم فبحبى أحبهم