ج ٩، ص : ٤١
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال ذكر لنا ان ناسا كانوا يقولون لو انزل فى كذا وكذا فانزل اللّه لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - وَاتَّقُوا اللَّهَ ط فى تضيع حقه وحق رسول ومخالفة امره إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لاقوالكم عَلِيمٌ بنياتكم.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كرر النداء لاستدعاء مزيد الاستبصار والمبالغة فى الألفاظ وزيادة اهتمام ما امر به لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ إذا كلمتموه وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ يعنى لا ترفعوا أصواتكم عنده ولا تنادوه كما ينادى بعضكم بعضا بان تخاطبوه باسمه أو كنيته بل يجب عليكم تبجيله وتعظيمه ومراعات آدابه وخفض الصوت بحضرته وخطابه بالنبي والرسول ونحو ذلك أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ أى كراهة ان تحبط أو لئلا يحبط فيكون علة للنهى وجاز ان يكون تقديره لأن تحبط متعلق بالنهى واللام للعاقبة فان رفع الصوت فوق صوت النبي ـ ﷺ ـ والجهر عليه استخفافا يؤدى إلى الكفر فعاقبته حبط العمل إذا قصد الاهانة نعوذ باللّه منها وعدم المبالات وترك المراقبة فى آدابه لا يخلوا من الحرمان من بركات صحبته فبطل عمل المصاحبة إذا لم يترتب عليه فائدته وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ حال من الضمير المجرور فى أعمالكم قال البغوي قال أبو هريرة وابن عباس لما نزلت هذه الآية كان أبو بكر لا يكلم النبي ـ ﷺ ـ الا كاخى السرار وقال ابن الزبير فيما مر من حديث رواه البخاري فى سبب نزول قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا الآية قال فما كان عمر يسمع رسول اللّه ـ ﷺ ـ بعد هذه الآية حتى يستفهمه - وروى مسلم فى الصحيح عن أنس بن مالك قال لما نزلت هذه الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ الآية جلس ثابت بن قيس فى بيته وقال انا من أهل النار واحتبس عن النبي ـ ﷺ ـ فسال النبي ـ ﷺ ـ سعد بن معاذ فقال يا أبا عمر ما شان ثابت اشتكى فقال سعد انه لجارى وما علمت له شكوى فاتاه سعد فذكره قول النبي ـ ﷺ ـ قال ثابت أنزلت هذه الآية ولقد علمتم انى من ارفعكم أصواتا على رسول اللّه ـ ﷺ ـ فانا من أهل النار فذكر ذلك سعد لرسول اللّه ـ ﷺ ـ فقال بل هو
من أهل الجنة وأخرج ابن جرير عن محمد ابن ثابت بن قيس بن شماس وكذا ذكر البغوي انه لما نزلت هذه الآية قعد ثابت فى الطريق يبكى فمر به عاصم بن عدى فقال ما يبكيك يا ثابت قال هذه الآية أتخوف ان نكون نزلت فى وانا رفيع الصوت أخاف ان يحبط عملى وان أكون من أهل النار فمضى عاصم إلى رسول اللّه ـ ﷺ ـ وغلب ثابت البكاء فاتى امرأته جميلة بنت عبد اللّه بن أبى بن سلول فقال لها إذا دخلت بيت فرسى فشدى على الضبة بمسمار فضربته