ج ٩، ص : ١٣٠
وأخرج الخلالى عن الشعبي كانت الأنصار إذا مات لهم الميت اختلفوا إلى قبره يقرؤن القرآن وفى الاحياء عن أحمد بن حنبل قال إذا دخلتم المقابر فاقرأوا بفاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو اللّه أحد واجعلوا ذلك لاهل المقابر فانه يصل إليهم وقال البيضاوي فى توجيه الآية انه ما جاء فى الاخبار من ان الصدقة والحج ينفعان الميت فلان التاوي له كالتائب عنه وقال بعض العلماء فى توجيهها ان انتفاع المؤمن بسعى غيره مبنى على إيمانه وهو سعى نفسه فكان سعى غيره تابعا لسعى نفسه قايما بقيامه واللّه تعالى أعلم.
وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى فى ميزانه يوم القيامة ان كان مؤمنا واما الكافر فيحبط أعمالهم بفوات شرطها وهى النية الخاصة للّه تعالى أو يقال الكافر يثاب عليه فى الدنيا من أريته الشيء قلت والاولى ان يقال السعى هاهنا بمعنى القصد قال فى القاموس سعى يسعى سعيا كرعى قصد وعمل ومشى وعدى وتم وكسب وقال بعض المحققين السعى المشي السريع ويستعمل للحمد فى العمل ومعنى الآية ليس للانسان الا ما قصد وأراد بفعله فهذه الآية تفيد ما يفيد قوله ـ ﷺ ـ انما الأعمال بالنيات وان لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله فهجرته إلى اللّه ورسوله ومن كانت هجرته إلى الدنيا يصيبها أو المرأة نكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه متفق عليه من حديث عمر ابن خطاب رض فلا تدل هذه الآية على ان عمل أحد لا يفيد غيره كيف وصلوة الجنازة والصلاة على النبي ـ ﷺ ـ امورتان واجبتان وضعتا لانتفاع غير الفاعل واللّه تعالى أعلم.
ثُمَّ يُجْزاهُ أى المؤمن الْجَزاءَ الْأَوْفى الأتم والأكمل.
وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى هذا وما عطف عليه كله فى صحف ابراهيم وموسى والمنتهى مصدر بمعنى الانتهاء روى البغوي بسنده عن أبى بن كعب عن النبي ـ ﷺ ـ فى قوله تعالى وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى قال لا فكرة فى الرب يعنى الفكرة تنتهى إلى اللّه ويتلاشى هناك قال البغوي وهذا مثل ما روى عن أبى هريرة مرفوعا تفكروا فى الخلق ولا تفكروا فى الخالق فانه لا تحيط به الفكرة كذا ذكر البغوي وروى أبو الشيخ فى العظمة عن ابن عباس تفكروا فى كل شىء ولا تفكروا فى ذات اللّه فان بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور وهو فوق ذلك قلت يعنى الفكرة لا يصل إلى كرسيه فكيف إلى ذاته وهو أجل وارفع وفى رواية له عنه تفكروا فى الخلق ولا تفكروا فى الخالق فانكم لا تقدرون قدره وروى أبو نعيم فى الحلية عنه تفكروا فى خلق اللّه ولا تفكروا فى اللّه وروى أبو الشيخ عن أبى ذر تفكروا فى خلق اللّه ولا تفكروا فى اللّه قلت الفكر عبارة عن ترتيب مقدمات لتحصيل مطلوب فترتيب المقدمات لا يتصور الّا فى آلاء اللّه وآياته واثاره والمطلوب ذاته وهناك تنتهى الفكرة فانه ليس وراء العباد ان