ج ٩، ص : ١٨١
فانه كان ينزل على النبي ـ ﷺ ـ نجوما متفرقا.
وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ جملة معترضة بين القسم وجوابه لَوْ تَعْلَمُونَ اخرى معترضة بين الصفة والموصوف لكمال الاستعظام ولو للتمنى ومفعول تعلمون محذوف يعنى ليتكم تعلمون عظمته عَظِيمٌ لما فى المقسم به من الدلالة على عظم القدرة وكمال الحكمة وفرط الرحمة ومن مقتضيات رحمته انه لا يترك عباده سدى.
إِنَّهُ يعنى ما يتلوه محمد ـ ﷺ ـ لَقُرْآنٌ منزل من اللّه تعالى غير منقول كَرِيمٌ عزيز مكرم لأنه كلام اللّه وفضل كلام اللّه على ساير الكلام كفضل اللّه تعالى على خلقه رواه الترمذي والمعنى كثير الخير والنفع لاشتماله على اصول العلوم المهمة فى إصلاح المعاد والمعاش قال أهل المعاني الكريم الذي من شانه ان يعطى الخير الكثير أو المعنى حسن مرضى فى جنسه.
فِي كِتابٍ ظرف مستقر صفة لقران مَكْنُونٍ مصؤن وهو اللوح المحفوظ.
لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ قيل الضمير فى لا يمسه راجع إلى الكتاب لقربه فالمعنى لا يطلع على اللوح الا المطهرون من الكدورات الجسمانية الباعثة غالبا على المعاصي وهم الملائكة وهذا القول غير مرضى فان الانسلاخ من الكدورات الجسمانية ليس من فضائل ولا يعد تطهرا والا يلزم فضل الملائكة على البشر وهو خلاف الإجماع بل الكدورات الجسمانية هى الحاملة للتجليات الذاتية الصرفة ولذلك اختص النبوة بالبشر فالقول الصحيح ان الضمير راجع إلى القرآن فالمعنى لا يمس القرآن الا المطهرون من الأحداث فيكون بمعنى النهى والمراد بالقران المصحف سمى قرانا على قرب الجوار مجازا كما فى الحديث انه ـ ﷺ ـ نهى ان يسافر بالقران إلى الأرض العدو مت فق عليه من حديث ابن عمر والمراد به المصحف وقد انعقد الإجماع على انه لا يجوز مس المصحف للجنب والحائض ولا لنفساؤ لا لمحدث خلافا لداود محتجا بحديث أبى سفيان انه عليه الصلاة والسلام كتب كتابا إلى هرقل وكان فيه يا أهل الكتاب تعالوا الآية ولا شك ان الكافر نجس قلنا كتب رسول اللّه ـ ﷺ ـ ذلك العبارة من قبل نفسه امتثالا لامر اللّه تعالى لا من حيث انه كلام اللّه تعالى ومن ثم حذف لفظة قل من صدر الآية ولو كان كتب من حيث انه كلام اللّه لما حذف لفظة قل بل لا يجوز له حذفها كما لا يجوز حذفها فى الصلاة والتلاوة ولنا حديث عمرو بن حزم ان رسول اللّه ـ ﷺ ـ كتب إلى أهل اليمن كتابا وكان فيه لا يمس القرآن الا طاهر رواه الدارقطني والحاكم فى المعرفة والبيهقي فى الخلافيات وروى الطبراني من حديث حكيم بن حزام قال لما بعثني رسول اللّه ـ ﷺ ـ إلى اليمن قال لا يمس القرآن الا وأنت طاهر تفرد به سويد بن حاتم وهو ضعيف وحسن الحار فى اسناده وفى الباب عن ابن عمر