ج ٩، ص : ٢٠٤
وقاتلوهم على دين عيسى فاخذوهم وقتلوهم وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك ولا بان يقيموا بين ظهرانيهم يدعونهم إلى دين اللّه ودين عيسى فساحوا فى البلاد وترهبوا وهم الذين قال اللّه تعالى ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم فقال النبي ـ ﷺ ـ من أمن بي وصدقنى واتبعنى فقد رعاها حق رعايتها ومن لم يؤمن بي فاولئك هم الهالكون وقال البغوي روى عن ابن مسعود قال كنت رديف رسول اللّه ـ ﷺ ـ على حمار فقال يا ابن أم عبد هل تدرى من اين اتخذت بنو إسرائيل الرهبانية قلت اللّه ورسوله اعلم قال ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى يعملون بالمعاصي فغضب أهل الايمان فقاتلوهم فهزم أهل الايمان ثلث مرات فلم يبق منهم الا قليل فقالوا ان ظهرنا هؤلاء أفتونا ولم يبق للدين أحد يدعوا إليه فقالوا تعالوا فتفرق فى الأرض إلى ان يبعث اللّه النبي الذي وعدنا عيسى يعنون محمدا ـ ﷺ ـ فتفرقوا فى غير ان الجبال وأحدثوا رهبانية فمنهم من تمسك بدينه ومنهم من كفر ثم تلا هذه الآية ورهبانية ابتدعوها الآية فاتينا الذين أمنوا منهم يعنى ثبتوا عليها أجرهم ثم قال النبي ـ ﷺ ـ يا ابن أم عبدا تدرى ما رهبانية أمتي قلت اللّه ورسوله اعلم قال الهجرة والجهاد والصلاة والصوم والحج والعمرة والتكبير على التلال قال وروى عن أنس عن النبي ـ ﷺ ـ ان لكل أمة رهبانية ورهبانية هذه الامة الجهاد فى سبيل اللّه وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كانت الملوك بعد عيسى عليه السلام بدلوا التورية والإنجيل وكان فيهم مومنون يقرؤن التوراة والإنجيل ويدعونهم إلى دين اللّه فقيل لملوكهم لو جمعتم هؤلاء الذين شقوا عليكم فقتلتموهم أو دخلوا فيما نحن فيه فجمعهم ملكهم وعرض عليهم القتل أو يتركوا قراءة التوراة والإنجيل الا ما بدلوا منها فقالوا نحن نكفيكم أنفسنا
فقالت طايفة ابنوا لنا اسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم أعطونا شيئا ترفع به طعامنا وشرابنا ولا نرد عليكم وقالت طايفة دعونا نسيح فى الأرض ونهيم ونشرب كما نشرب الوحش فان قدرتم علينا بأرض فاقتلونا وقالت طايفة ابنوا لنا دورا فى الفيافي نحتفر الآبار ونحترث البقول فلا نرد عليكم ولا نمر بكم ففعلوا ذلك فمعنى أولئك على منهاج عيسى وخلف قوم من بعدهم ممن قد غير الكتاب فجعل الرجل يقول نكون نحن فى مكان فلان فنتعبد كما تعبد فلان ونسيح كما ساح فلان ونتخذدورا كما اتخذ فلان وهم على شركهم لا علم لهم بايمان الذين اقتدوا بهم فلك قومه؟؟؟
عز وجل وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها أى ابتدعها هؤلاء الصالحون فما رعوها حق رعايتها يعنى الآخرين الذين جاؤا من بعدهم فاتينا الذين أمنوا منهم أجرهم يعنى الذين ابتدعوها ابتغاء مرضات اللّه وكثير منهم فاسقون