ج ٩، ص : ٢٠٥
هم الذين جاؤا من بعدهم قال فلما بعث النبي ـ ﷺ ـ ولم يبق منهم الا قليل حط رجل من صومعته وجاء سياح من سياحة وصاحب الدير من ديره وأمنوا به وأخرج الطبراني فى الأوسط بسند فيه من لا يعرف عن ابن عباس ان أربعين من اصحاب النجاشي قدموا فشهدوا وقعة أحد فكانت فيهم جراحات ولم يقتل منهم أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا يا رسول اللّه انا أهل ميسرة فاذن لنا نجىء باموالنا نواسى بها المسلمين فانزل اللّه تعالى الذين آتيناهم الكتب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا أمنا به انه الحق من ربنا انا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبرو فلما نزلت قالوا يا معشر المسلمين اما من أمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم فله اجر كاجوركم فانزل اللّه تعالى.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ محمد ـ ﷺ ـ يُؤْتِكُمْ هو وما عطف عليه مجزوم فى جواب الأمر كِفْلَيْنِ نصيبين مِنْ رَحْمَتِهِ وكذا أخرج ابن أبى داود خاتم عن مقاتل قال لما نزلت أولئك يؤتون أجرهم مرتين الآية فخرمو من أهل الكتاب على اصحاب النبي ـ ﷺ ـ فقالوا لنا أجران ولكم اجر فشق ذلك على الصحابة فانزل اللّه تعالى هذه الآية فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمنى أهل الكتاب وعلى هذه الرواية الخطاب فى قوله تعالى يا أيها الذين أمنوا لاصحاب النبي ـ ﷺ ـ عامة وحينئذ قوله وأمنوا برسوله تأكيد لما سبق يعنى أمنوا لجميع ما جاء به الرسول حق الايمان وقال البغوي واكثر المفسرين هذا خطاب أهل الكتابين من اليهود والنصارى يقول اللّه تعالى يايها الذين أمنوا بموسى وعيسى اتقوا اللّه فى محمد أمنوا برسوله محمد ـ ﷺ ـ يؤتكم كفلين من رحمته يعنى يوتكم أجرين لايمانكم بعيسى والإنجيل وبحمد والقران وقال البيضاوي لا يبعد ان يثابوا أى اليهود أيضا على دين السابق وان كان منسوخا ببركة الإسلام وقيل الخطاب للنصارى الذين كانوا فى عصره وفى الصحيحين عن أبى موسى الأشعري قال قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ ثلثة لهم أجران رجل من أهل الكتاب أمن بنبيه وأمن بمحمد ـ ﷺ ـ والعبد المملوك ادى حق اللّه وحق مواليه ورجل كانت عنده أمة يطاها فادبها فاحسن تأديبها وعلمها فاحسن تعليمها ثم أعتقها فتزوجها فله أجران وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ على الصراط كذا قال ابن عباس ومقاتل فهذه الآية نظيره قوله تعالى يسعى نورهم بين أيديهم وبايمانهم ويروى عن ابن عباس ان النور هو القرآن وقال مجاهد هو الهدى والبيان أى يجعل لكم سبيلا واضحا فى الدين تهتدون به إلى جناب القدس وجنات الفردوس وَيَغْفِرْ لَكُمْ ط ما سبق من ذنوبكم