ج ١٠، ص : ٨٧
ما قال فبستخبر بعض أهل السموات بعضا حتى يبلغ هذا السماء الدنيا فيخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم ويرمون فما جاؤا به على وجهه فهو حق ولكنهم يغرقون فيه ويزيدون رواه مسلم قلنا ليس فى هذين الحديثين وما فى معناهما ان الجن يخطف من السماء الدنيا ولعل معناه حتى يبلغ الخبر هذا السماء الدنيا ثم أهل السماء الدنيا ينزلون إلى العنان فتذكر الأمر الذي قضى فى السماء فيخطف الجن مسترقو السمع وهم بعض فوق بعض إلى العنان فحينئذ يدركه الشهاب الثاقب من نجوم السماء واللّه تعالى أعلم فَوَجَدْناها أى السماء مُلِئَتْ حَرَساً حراسا اسم الجمع كالخدم شَدِيداً قويا من الملائكة الذين يمنعون هم عنها وَشُهُباً جمع شهاب وهو شعلة نار انتشرت من النجوم.
وَأَنَّا كُنَّا قبل ذلك نَقْعُدُ مِنْها أى من السماء أى من السحاب حال من مَقاعِدَ خالية عن الحرس والشهب صالحة للترصد والاستماع ظرف لتقعد لِلسَّمْعِ متعلق بنقعد أو صفة لمقاعد فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يعنى بعد مبعث النبي صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً أى رصدا له ولاجله يمنعه من الاستماع بالرجم أو ذوى شهاب راصدين على انه جمع للراصد فصار هذا معجزة للنبى صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم لاجل الجن أمنوا به.
وَأَنَّا لا نَدْرِي يعنى انا كنا لا ندرى قبل ذلك أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ بحراسة أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً فاما الان إذا سمعنا القرآن ان الذي حال بينكم وبين خبر السماء هو بعث هذا النبي حتى يكون معجزة له يعجزه الكهنة عن إتيان خبر السماء مثله فظهر ان اللّه سبحانه تعالى انما أراد للعالمين هداية ورشدا ففى هذه الجمل الثلث احتجاج على حقية القرآن ورسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم والشر والخير وان كانا جميعا بخلقه تعالى وإرادته لكنهم اسندوا ارادة الخير إليه تعالى صريحا وارادة الشر كناية بذكره على صيغة المجهول رعاية الأدب.
وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ عنوا بهم الذين كانوا منهم مؤمنين بالتورية وغيره من الكتب السماوية والأنبياء السابقين عليه السلام وَمِنَّا قوم دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ أى ذوى طرائق أى مذاهب أو مثل طرائق فى اختلاف الأحوال أو كانت طرائق قِدَداً متفرقة مختلفة وهذه الجملة اعنى قولهم كنا طرائق قددا تأكيد لمضمون ما سبق من قولهم انا منا الصالحون إلخ وقددا جمع قدة بمعنى القطعة من الشيء قال الحسن والسدى