ج ١٠، ص : ١٥٧
فالمعنى ان الجنة مضية بنفسها ومشرقة بنور ربها لا يحتاج إلى شمس ولا إلى قمر أخرج البيهقي عن شعيب بن الجيحان قال خرجت انا وأبو عالية الرباحي قبل طلوع الشمس فقال ينسب ان الجنة هكذا ثم تلا وظلّ مّمدود وقلت ليس معنى قول أبى العالية الجنة هكذا تشبيه بنور الصبح فانه نور ضعيف مختلط بالظلمة كما لا يخفى بل تشبيه فى انبساط نوره بل انقطاع.
وَدانِيَةً أى قريبة عطف على متكئين أو على محل لا يرون ويرون دانية أو على جنة بتقدير الموصوف أى وجنة اخرى دانية عليهم ظلالها فيكون نظير القوله تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان لكن لهذا التأويل ضعف لاقتضائه ان لا يكون الجنة الاولى دانيه الظلال إذا القسمة تنافى الشركة عَلَيْهِمْ أى منهم ظِلالُها فاعل دانية وَذُلِّلَتْ حال من ظلالها بتقدير قد أو عطف على دانية على طريقة فالق الإصباح وجعل الليل سكنا أو حال من ذى حال دانية والعائد محذوف أى ذللت لهم قُطُوفُها أى ثمارا تَذْلِيلًا أى جعلت سهل التناول لا يمتنع على قطوفها كيف شاؤا أخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن البراء بن عازب ان أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياما وقعودا ومضطجعين على أى حال شاؤا.
وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ أى أباريق بلا عرى كذا أخرج هناد عن مجاهد كانَتْ أى الكواكب الجملة صفة بها قَوارِيرَا حال من فاعل كانت على تقدير كونها تامة أى تكونت أكواب حال كونها قوارير أى مثل قوارير وخبرها على تقدير كونها ناقصة أى تكون مثلها فى الصفاء أخرج ابن جرير من طريق العوفى عن ابن عباس قال آنية من فضة صفائها كصفاء القوارير وأخرج سعيد بن مسعود بن عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عباس لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى تجعلها مثل جناح الذباب لم يرى الماء من ورائها لكن من أواني الجنة بياض الفضة فى صفاء القوارير.
قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ بدل من الأول أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس قال ليس فى الجنة شىء الا قد أعطيتم فى الدنيا شبه القوارير من فضة قال الكلبي ان اللّه جعل قوارير كل قوم من تراب ارضهم وان ارض الجنة من فضة فجعل منها قوارير يشربون فيها قرأ ابن كثير قوارير الأول بالتنوين لتناسب رؤس الاى والثاني بلا تنوين بعدم الانصراف وقرأ نافع والكسائي وأبو بكر كلاهما بالألف تبعا للخط لا حمرة