ج ١٠، ص : ٢٣١
وذراعا بذراع حتى لو ان أحدهم دخل حجر ضب لدخلتم وحتى لو ان أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه وروى البخاري عن أبى سعيد الخدري نحوه.
فَما لَهُمْ استفهام للانكار والتعجب متصل بما مر من الوعد والوعيد وجملة فلا اقسم معترضة قلت ويحتمل ان يكون هذه الجملة متصلة لقوله تعالى لتركبن طبقا عن طبق يعنى انقلابهم عن حال إلى حال دليل على تحول الأحوال فما لهم لا يُؤْمِنُونَ حال من الضمير المجرور والعامل فيه معنى الفعل أى ما يصنعون.
وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ ط إذا متعلق بلا يسجدون والجملة الشرطية معطوفة على لا يومنون حال مرادف له وهذه الآية نزل على وجوب السجود حين استماع القرآن فانه ذم لمن سمع القرآن ولم يسجد فاما ان يكون المراد بالسجود الخضوع مجازا وهو الظاهر لاطلاق القرآن على كل اية وان لم يكن اية السجدة مع الإجماع على عدم وجوب السجود عند استماع القرآن مطلقا واما يكون المراد بالسجود سجود التلاوة واللام فى القرآن للعهد والمراد اية السجدة فحينئذ يكون حجة لابى حنيفة فى القول بوجوب التلاوة ولم يقل بالافتراض للشك فى التأويل ووقوع الخلاف فى المسألة والظاهر ان الوجوب لا يثبت بالشك بل بدليل ظنى يفيد الوجوب واحتج أبو حنيفة وصاحبيه بحديث أبى هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال إذا قرأ ابن آدم السجدة اعتزل الشيطان يبكى يقول يا ويله امر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فابيت فلى النار رواه مسلم ووجه الاحتجاج ان الحكيم إذا حكى عن غير الحكيم كلاما ولم يعقبه بالإنكار كان دليلا على صحته وأخرج ابن أبى شيبة فى مصنفه عن ابن عمر انه قال السجدة على من سمعها وعند جمهور الفقهاء والمحدثين سجود التلاوة سنة واحتجوا بحديث زيد بن ثابت قرأت على النبي ـ ﷺ ـ النجم فلم يسجد اخرجاه فى الصحيحين وأخرجه اصحاب السنن والدار قطنى وزاد ولم يسجد منا أحد قالت الحنفية هذا لا يدل على عدم وجوب السجدة لأنه واقعة حال ويجوز ان يكون ترك السجود لكون القراءة فى وقت مكروه أو على غير وضوء أو لتبين انه غير واجب على الفور قلنا لو كان الترك لاحد هذه الأمور لبين ذلك ولئلا يلزم ترك بيان المجمل فى وقت الحاجة وبحديث عمر بن الخطاب انه قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل فسجد وسجد الناس معه ثم قرأها يوم الجمعة الاخرى فتهيا الناس السجود وفقال على المنبر رسلكم اللّه لم يكبتها التفسير
المظهري، ج ١٠، ص : ٢٣٢
الا ان يشاء رواه البخاري ومالك فى المؤطا قال الشيخ ابن حجر زعم المزني انه من تعليقات البخاري وهم رواه البيهقي وأبو نعيم قلت فى هذه الحديث حكاية عن الإجماع حيث لم ينكر أحد على قول عمر مع حضورهم لصلوة الجمعة وما ورد فى قول الشيطان امر ابن آدم بالسجود والظاهر ان المراد بالسجود هناك الجنس دون السجود المخصوص عند التلاوة كيف وانما امر الشيطان بالسجود للّه تعالى متوجها إلى آدم من غير سبق تلاوة اية (مسئلة) اختلف العلماء فى سجود المفضل فقال الجمهور بالسجود فى النجم وإذا السماء انشقت واقرأ فعندهم سجود القرآن اربعة عشر أو خمسة عشر بناء على خلافهم فى الثاني سجدتى الحج وسجدة ص ويذكر هناك إنشاء اللّه تعالى وقال مالك فى رواية لا سجود فى المفصل محتجا بحديث ابن عباس انه صلى اللّه عليه وآله وسلم لم يسجد فى شىء من المفصل منذ تحول إلى المدينة رواه أبو داود وأبو على ابن السكن من طريق أبى قدامة الحارث بن عبيد عن مطر عن عكرمة وأبو قدامة ومطر قال الشيخ ابن حجرهما من رجال مسلم لكنهما مضعفان وقال ابن الجوزي قال أحمد أبو قدامة مضطرب الحديث وقال يحيى ليس بشئ ولا يكتب حديثه وروى الطحاوي وغيره سئل أبى بن كعب هل فى المفصل سجدة قال لا لنا حديث أبى هريرة ان النبي صلى اللّه عليه وسلم لم يسجد فى إذا السماء انشقت واقرأ انفرد بإخراجه مسلم وفى الصحيحين من طريق اخر عن أبى نافع قال صليت مع أبى هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فقلت ما هذا قال سجدت بها خلف أبى القاسم صلى اللّه عليه وسلم فلا أزال اسجد هنا حتى ألقاه واسلام أبى هريرة كان سنة ست من الهجرة وحديث ابن عباس قال سجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيها يعنى النجم والمشركون رواه البخاري ورواه الترمذي وصححه وحديث عمرو بن العاص ان رسول اللّه ـ ﷺ ـ قرأ خمس عشر سجدة فى القرآن منها ثلث فى المفصل وفى
سورة الحج سجدتان رواه أبو داود وابن ماجة والدار قطنى والحاكم وحسنه المنذرى والنووي وضعفه عبد الحق وقال ابن الجوزي لا يعتمد عليه فيه محمد بن راشد كذبوه وحديث
عبد الرحمن بن عوف قال رايت رسول اللّه ـ ﷺ ـ سجد فى إذا السماء انشقت عشر مرات رواه البزار (مسئلة) قال أبو حنيفة يجب السجدة على التالي والسامع سواء قصد سماع القرآن أو لم يقصد لاطلاق الموجب اعنى الذم على ترك السجود فى هذه الآية وعند الجمهور لا يتاكد السجود