ج ١٠، ص : ٢٩٨
من النار لو أساء ليزداد شكرا ولا يدخل النار أحد الا ارى مقعده من الجنة لو احسن ليكون عليه حسرة واما الشياطين فليس كذلك ولم يكن لهم مقعد فى الجنة لعدم استعدادهم دخولها وقال الحسن ومجاهد وقتادة معنى الآية ثم رددناه أسفل سافلين يعنى إلى النار لأن جهنم بعضها أسفل من بعض وقال أبو العالية يعنى إلى النار فى شر صورة فى صورة خنزير ونحوه.
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الص َّالِحاتِ
استثناء متصل من الإنسان لاخراجهم من حكم الرد فانهم لا يرددون إلى النار ولا يصيرون إلى أخبث الأحوال فَلَهُمْ أى للمومنين الصالحين أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ط أى غير مقطوع أو لا يمن به عليهم الفاء للسببية والجملة فى مقام التعليل للاستثناء مقرر له وقيل معنى الآية خلقنا الإنسان فى احسن تقويم أى اعدل صورة أو أقوم حالة بحيث تيسر له كل ما أراد به وبتسخير له الحيوانات كلها والبر والبحر بل الجن والشياطين أيضا ثم رددناه فى بعض الافراد أى صيرناه بالهرم وأرذل العمر أسفل السافلين والسافلون هم الضعفاء والزمناء والأطفال فان الشيخ الكبير إذا زال عقله وضعف بدنه وغلب عليه العوارض والأمراض يصير أضعف من الضعفاء فعلى هذا قوله تعالى الا الذين أمنوا وعملوا الصالحات استثناء منقطع بمعنى لكن للاستدراك ودفع توهم نشأ وهو ان المؤمنين أيضا بعد الهرم وسوء الكبر يكونون أسوأ حالا من الضعفاء ووجودهم فى هذه الحالة وبال عليهم فقال اللّه لكن الذين أمنوا وعملوا الصالحات قبل الهرم فى حالة القوة والشباب فاجورهم غير مقطوعة لا يزال يكتب حسناتهم على حسب ما كانوا يعملون قال الضحاك اجرا بغير عمل أخرج ابن جرير من طريق العوفى عن ابن عباس فى هذه الآية قال هم نفر ردوا إلى أرذل العمر على عهد رسول اللّه ـ ﷺ ـ فسئل حين اسفت عقولهم فأنزل اللّه عذرهم ان لهم أجرهم الذي عملوا قبل ان تذهب عقولهم قال البغوي قال عكرمة لا يضر هذا الشيخ كبره إذا ختم اللّه له بأحسن ما كان يعمل وروى العاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس قال الا الذين أمنوا وعملوا الصالحات قال الا الذين قرؤا القرآن لم يردوا إلى ارزل العمر وقال جلال الدين المحلى رحمة اللّه تعالى إذا بلغ المؤمن من الكبر بالعجز عن العمل كتب له ما كان يعمل وروى عن أنس ان رسول اللّه ـ ﷺ ـ قال إذا ابتلى المسلم ببلاء فى جسده قال للملك اكتب له صالح عمله الذي كان يعمل وعن
عبد اللّه ابن عمر ونحوه رواهما البغوي فى شرح السنة وروى البخاري عن أبى موسى نحوه فى المريض


الصفحة التالية
Icon