ج ١، ص : ٤٨
ما بين سماء إلى سماء ثم على ظهورهن العرش بين أسفله وأعلاه ما بين سماء إلى سماء ثم اللّه فوق ذلك - قلت هذا الاختلاف الوارد في الأحاديث في مسافة البعد اما باختلاف اعتبار السائرين - أو المراد كثرة البعد لا تعيين المسافة - وقوله اما واحدة واما اثنان أو ثلث شك الراوي - واللّه اعلم طال الكلام وحاصل المرام ان علم الهيئة باطل أساسا وبناء - والجائز عقلا والثابت شرعا ان الكواكب كلها مرتكزة في السماء الدنيا - قال اللّه تعالى وَزَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ - كُلٌّ فِي فَلَكٍ أى فلك واحد يسبحون - حسب ارادة اللّه تعالى فى السرعة والبطوء والجهة كما يسبح السمك في الماء فحينئذ لا حركة للسموات واللّه اعلم - قال اللّه تعالى وَهُوَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيمٌ (٢٩) فيه تعليل كأنَّه قال لكونه عالما بكنه الأشياء كلها خلق ما خلق على النمط الأتم الأكمل الانفع - قرأ أبو جعفر وأبو عمرو والكسائي وقالون وهو وهى بسكون الهاء إذا كان قبل الهاء واو كما هاهنا ونحو وهى تجرى بهم - أو قاء أو لام نحو فهو وليّهم - انّ اللّه لهو الولىّ - فهى كالحجارة - لهى الحيوان - زاد الكسائي وقالون كلمة ثم نحو ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ - وقال البغوي ان في ان يملّ هو أيضا اسكن الكسائي وقالون لكن المشهور عند القراء عدم الإسكان هناك بالإجماع كذا قال الشاطبي -.
وَاذكر إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ - تعداد لنعمة ثالثة - فان خلق آدم وتفضيله على الملائكة نعمة تعم ذريته وفيه حث على الإتيان باوامره تعالى - والانتهاء عن مناهيه قال البغوي خلق اللّه السماء والأرض والملائكة والجن واسكن الملائكة السماء - والجن الأرض - فمكثوا زمانا طويلا في الأرض - ثم ظهر فيهم الحسد والبغي فافسدوا واقتتلوا - فبعث اللّه إليهم جندا من الملائكة يقالهم الجن وهم خزان الجنان اشتق لهم اسما من الجنة رأسهم إبليس فكان رئيسهم ومرشدهم وأكثرهم علما - فهبطوا إلى الأرض وطردوا الجن إلى شعوب الجبال وجزائر البحور وسكنوا الأرض وخفف اللّه عنهم العبادة - واعطى اللّه إبليس ملك الأرض وملك سماء الدنيا وخزانة الجنة فكان يعبد اللّه تارة في الأرض وتارة في السماء وتارة في الجنة فدخله العجب فقال في نفسه ما أعطاني اللّه هذا الملك الا لانى أكرم الملائكة عليه فقال اللّه تعالى له ولجنده إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً - ومما ذكر البغوي يظهران إبليس كان من الملائكة كما يدل عليه ظاهر الاستثناء - فان قيل روى مسلم عن أبى هريرة قال - أخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيدي فقال خلق اللّه التربة يوم السبت وخلق فيها الجبال يوم الأحد