ج ١، ص : ٥١
الى يوم القيامة - وقال الربيع بن أنس اسماء الملائكة - وقيل اسماء ذريته - وقيل صفة كل شىء قال أهل التأويل علم آدم جميع اللغات ثم تكلم كل واحد من أولاده بلغة - قلت وهذه الأقوال ليست بمرضية عندى فان مدار الفضل على كثرة الثواب ومراتب القرب من اللّه تعالى دون هذه الأمور - ولو كان هذه الأمور مدارا لفضله لزم فضله على خاتم النبيين صلى اللّه عليه وسلم فانه قال أنتم اعلم بامور دنياكم - ولم يكن عليه السلام عالما بجميع اللغات - وعندى ان اللّه تعالى علم آدم الأسماء الالهية كلها - فان قيل الأسماء الالهية غير متناهية قال اللّه تعالى لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي - وقال سبحانه وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ - فكيف يحيط به علم البشر الممكن المتناهي - وقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - أسئلك بكلّ اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك - رواه ابن حبان - والحاكم - وابن أبى شيبة والطبراني - واحمد في حديث ابن مسعود وابى موسى الأشعري يدل على ان اللّه تعالى استأثر عنده ببعض الأسماء لم يعلّمها أحدا - قلت المراد « ١ » ان اللّه تعالى علم آدم الأسماء كلها علما اجماليا فانه لما حصل له معية بالذات تعالت وتقدست حصل له بكل اسم من أسمائه وصفة من صفاته مناسبة تامة ومعية بحيث انه كلما توجه إلى اسم من أسمائه وصفة من صفاته يتجلى له ذلك الاسم والصفة كما انه إذا حصل لرجل ملكة في علم من العلوم كان بحيث كلما يتوجه إلى مسئلة من مسائله يحضر تلك المسألة - وليس المراد العلم التفصيلي حتى يلزم المحذور - فان قيل لم يقل بما قلت أحد من المفسرين - فهو قول في القرآن بالرأى وذلك غير جائز - روى
البغوي بطرق عن ابن عباس قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من قال في القرآن برأيه - وفي رواية من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار - قلت قال البغوي قال شيخنا الامام قد جاء الوعيد فى حق من قال في القرآن برأيه وذلك فيمن قال من قبل نفسه شيئا من غير علم يعنى التفسير وهو
_________
(١) على هذا لا يظهر فضيلة آدم عليه السلام بالنسبة إلى الملا الا على والكروبيين فان ولاية الملا الا على ومن في طبقتهم ارفع بكثير على اكثر الولايات البشرية لا سيما الولاية الاسرائيلية فانها شقيقة الولاية المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والتحية - وكل ذلك مصرح به في مكتوبات الشيخ الاجل الرباني مجدد الالف الثاني قدس اللّه روحه - قلت الظاهر من كلام المجدد رضى اللّه عنه ان ولاية الملائكة ارفع درجة من ولاية الأنبياء وليس افضلية الأنبياء على الملائكة الا بالنبوة فان الولايات كلها راجعة إلى تجليات الصفات - والتجليات الذاتية مختصة بالنبوة ومهبط التجلي الذاتي عنصر الطين ولخلو الملائكة من عنصر الطين اختص النبوة بالبشر وبالنبوة تفضلت الأنبياء على الملائكة وبها لبس خلعة الخلافة وبها وبالقرب الذاتي علم آدم الأسماء كلها علما اجماليا واللّه اعلم - منه رحمه اللّه