ج ١، ص : ٥٢
الكلام في اسباب نزول الآية وشأنها - وقصتها وذلك لا يجوز إلا بالسماع بعد ثبوته من طريق النقل - وأصل التفسير من التفسرة وهى الدليل من الماء الذي ينظر فيها الطبيب فيكشف عن علة المريض كذلك المفسر يكشف عن شأن الآية وقصتها - فاما التأويل وهو صرف الآية إلى معنى محتمل موافق لما قبلها وما بعدها غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط فقد رخص فيه لاهل العلم - واشتقاق التأويل من الأول وهو الرجوع يقال أولته فال أى صرفته فانصرف - روى البغوي عن ابن مسعود عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال انزل القرآن على سبعة أحرف لكل اية منها ظهر وبطن ولكل حد مطلع - وروى الطبراني عنه بلفظ - انزل القرآن على سبعة أحرف لكل حرف منها ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع - قال البغوي - قوله لكل حد مطلع - أى مصعد يصعد إليه من معرفة علمه - يقال المطلع الفهم - وقد يفتح اللّه على المتدبر والمتفكر في التأويل والمعاني ما لا يفتح على غيره وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ انتهى حاصل كلامه « ١ » - قلت وما مر من اقوال المفسرين ليس شيئا منها مرفوعا - ولا مما لا يدرك بالرأى حتى يكون في معنى المرفوع بل تأويلات لمعنى الأسماء على حسب آرائهم ومن ثم ترى الاختلاف وما ذكرت لك كذلك - وأيضا قول ابن عباس علّمه اسم كل شىء حتى القصعة والقصيعة - وما قيل علّمه اسماء ما كان وما يكون واسماء ذريته وصفة كل شىء لا ينافى تعليمه الأسماء الالهية وهى أفضل مما كان ويكون هو الأول ما كان شىء قبله والاخر لا يكون فيء بعده والظاهر لا شىء فوقه والباطن لا شىء دونه - وانما اقتصر ابن عباس على ذكر اسماء الممكنات خطابا لافهام العوام وكذلك شأن الأكابر يتكلمون الناس على قدر عقولهم واللّه اعلم ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ قال المفسرون الضمير راجع إلى المسميات المذلول عليها ضمنا إذ التقدير اسماء المسميات فحذف المضاف إليه و
عوض عنه اللام كما في قوله تعالى اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وتذكير الضمير لتغليب ما اشتمل عليه من العقلاء - وإذا قلت المراد بالأسماء الأسماء الالهية فالضمير راجع إلى آدم وجمع الضمير
_________
(١) قال الشيخ شهاب الدين السهروردي رضى اللّه عنه في العوارف - يخالج اسرى ان يكون المطلع ليس بالوقوف بصفاء الفهم على دقيق المعنى - وغامض السر في الآية لكن المطلع ان يطلع عند كل اية على شهود المتكلم بها لانها مستودع وصف من أوصافه ونعت من نعوته فيتجدد له التجليات بتلاوة الآيات وسماعها - وقال المجدد رضى اللّه عنه في مكتوبه المائة والعشرين من المجلد الثالث - انه يخطر ببالي ان الظهر نظم القرآن البالغ إلى حد الاعجاز والبطن تفسيره وتأويله على اختلاف صفاء الفهم على دقيق المعاني وغامض السر والحد نهاية مراتب الكلام وهو شهود المتكلم بها وهو التجلي النعتى المنبئ عن عظيم الجلال والمطلع ما فوق ذلك التجلي النعتى وهو التجلي الذاتي المعرى عن النسبة والاعتبارات فلابد من الخطوتين خطوة من النظم الدال إلى المدلول الذي هو الصفة والخطوة الثانية من الصفة إلى الموصوف - وما ذكر الشيخ السهروردي قدس سره الا الخطوة الاولى وأتم بها هذا السير وقال الشيخ في العوارف - نقل عن جعفر الصادق رضى اللّه عنه انه خر مغشيا عليه وهو في الصلاة فسئل عن ذلك فقال ما زلت اردد الآية حتى سمعتها من المتكلم بها - منه رحمه اللّه