ج ١، ص : ٥٤
لا نحيط بشىء من علمك إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ بخلقك الْحَكِيمُ (٣٢) فى أمرك وله معنيان وهو القاضي العدل والمحكم للامر لا يتطرق إليه الفساد فلما اعترفوا بعجزهم أنعم اللّه عليهم.
وقالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ الضمير في بأسمائهم على قول المفسرين راجع إلى المسميات - واما على ما قلت فراجع إلى الملائكة أى انبئهم بالأسماء التي في وسعهم تعلمها - أو التي قدرنا لهم تعلمها - ولم يقل باسمائكم لأن تعلم الأسماء كلها لا يمكن الا اجمالا بالوصول إلى حضرت الذات وذلك مختص بالبشر دون الملائكة فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فيه استذكار لقوله - أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ قرأ الحر ميان وأبو عمرو انّى بفتح الياء وكذلك يفتحون كل ياء إضافته بعدها الف قطع مفتوحة الا أحرفا معدودة تذكر في مواضعها ان شاء اللّه تعالى - ويفتح نافع وأبو عمرو عند الالف المكسورة أيضا الا أحرفا معدودة تذكر ان شاء اللّه تعالى والباقون لا يفتحون الا أحرفا معدودة تذكر ان شاء اللّه تعالى وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ قال الحسن وقتادة يعنى قولهم أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها - وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (٣٣) قالا قولهم لن يخلق اللّه خلقا أكرم عليه منا - قال البغوي قال ابن عباس - هو ان إبليس مر على جسد آدم وهو ملقى بين مكة والطائف لا روح فيه فقال لامر ما خلق هذا ثم دخل في فيه وخرج من دبره وقال انه خلق لا يتماسك لأنه أجوف ثم قال للملائكة الذين معه ان فضل عليكم وأمرتم بطاعته ماذا تصنعون قالوا نطيع امر ربنا - فقال إبليس في نفسه واللّه لئن سلطت عليه لاهلكنه ولئن سلط علىّ لا عصينه فقال اللّه تعالى وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ يعنى ما تبديه الملائكة من الطاعة وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ يعنى ما كتم إبليس من المعصية وفي الآية دليل على ان خواص البشر وهم الأنبياء أفضل من خواص الملائكة وهم الرسل منهم كما ذهب أهل السنة والجماعة إليه - واما ما قالوا ان عوام البشر اعنى الأولياء منهم الصالحون المتقون أفضل من عوام
الملائكة فثابت بالسنة - عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المؤمن أكرم على اللّه من بعض ملائكته - رواه ابن ماجة - وعن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لمّا خلق اللّه آدم وذريته قالت الملائكة يا رب خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون فاجعل لهم الدنيا ولنا الاخرة قال اللّه تعالى لا اجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحى كمن قلت له كن فكان - رواه البيهقي في شعب الايمان - ويدل على أفضليتهم اختصاصهم برؤية اللّه سبحانه في الجنة دون الملائكة - فان قيل روية اللّه سبحانه في الجنة غير مختص بالأولياء بل يكون لجميع المؤمنين وان كانت على قدر تفاوت درجاتهم فمنهم من يراه غدوة وعشية ومنهم من يراه كل جمعة أو بعد سنة أو نحو ذلك