ج ١، ص : ٥٥
فيلزم من ذلك افضلية جميع المؤمنين وان كانوا فساقا على عوام الملائكة فان المؤمنين كلهم يدخلون الجنة ولو بعد العذاب قال اللّه تعالى - فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ - وقال عليه الصلاة والسلام يخرج من النار من قال لا الله الا اللّه وفي قلبه وزن برة من خير أو من ايمان ويخرج من النار من قالها وفي قلبه وزن ذرة من خير أو من ايمان - متفق عليه من حديث أنس - وقال ما من عبد قالها ثم مات على ذلك الا دخل الجنة وان زنى وان سرق - وان زنى وان سرق - وان زنى وان سرق - على رغم انف أبى ذر - رواه مسلم من حديث أبى ذر - والقول بافضلية الفساق على المعصومين لا يجوز عقلا ولا شرعا قال اللّه تعالى - أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ - قلت دخول الجنة للفساق لا يتصور الا بعد المغفرة سواء كانت المغفرة بعد العقاب بمصائب الدنيا أو بعذاب في القبر أو بعذاب فى النار أو بغير شىء من ذلك بالتوبة أو بغير التوبة فضلا من اللّه تعالى وبعد المغفرة لم يبق فسق ولا معصية بل التحقوا بالأولياء المتقين الصلحاء وان كانت مراتب الأولياء أعلى وأجل فحينئذ لا محذور في أفضليتهم على الملائكة واللّه اعلم - وأيضا في الآية دليل على ان علوم الملائكة وكمالاتهم تقبل الزيادة وانهم يستفيدون من البشر - واما قوله تعالى - وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ - فمقتضاه عدم الترقي من مقام إلى مقام - يعنى من مقام الأسماء والصفات إلى مقام الذات فانه لا يجوز وصولهم إلى مقام الذات بخلاف
البشر فان له ترقيات من مقام الحجب والحرمان إلى مقام الظلال ومنها إلى مقام الصفات والأسماء والشئونات ومنها إلى مقام الوصول إلى الذات وفي ذلك الوصول درجات واعتبارات لا يسعه المقال والمقام -.
وَاذكر : إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ - قرأ أبو جعفر للملائكة اسجدوا بضم التاء بإعطاء حركت همزة الوصل وكذلك قل ربّ احكم بضم الباء والباقون بالكسر - والسجود في الأصل التذلل وفي الشرع وضع الجبهة على الأرض على قصد العبادة - والمأمور به اما المعنى الشرعي فالمسجود له يكون بالحقيقة هو اللّه تعالى - وجعل آدم قبلة تفخيما لشأنه واعترافا لما أنكروا اولا من فضله - ويدل على ارادة هذا المعنى الشرعي ما رواه أحمد ومسلم من حديث أبى هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويله امر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلى النار - واللام في لادم حينئذ بمعنى إلى كما في قول حسان في مدح الصديق (شعر) أليس أول من صلى لقبلتكم واعرف الناس بالقران والسنن أو جعل آدم سببا


الصفحة التالية
Icon