ج ١، ص : ٥٨
عن الواو بالضمير أى متعادين - روى البغوي عن عكرمة عن ابن عباس قال - لا اعلم الا رفع الحديث انه كان يأمر بقتل الحيات وقال من تركهن خشية أو مخافة ثائر فليس منا - وفي رواية - ما سالمناهن منذ حاربناهن - وروى عن أبى سعيد الخدري عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ان بالمدينة جنا قد اسلموا فان رايتم منهم شيئا فاذنوه ثلثة ايام فان بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فانه شيطان - وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ موضع قرارا واستقرار وَمَتاعٌ أى تمتع إِلى حِينٍ (٣٦) إلى انقضاء اجالكم -.
فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ قرأ ابن كثير آدم بالنصب وكلمت بالرفع يعنى جاءت الكلمات آدم من ربه وكانت سبب توبته - وقرا الباقون بالعكس أى تعلّم - والكلمات رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا الآية - كذا قال سعيد بن جبير ومجاهد والحسن وقيل غير ذلك من كلمات الدعاء والاستغفار والتضرع قال ابن عباس - بكى آدم وحواء مائتى سنة ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما - ولم يقرب آدم حواء مائة سنة وروى عن يونس بن حباب وعلقمة بن مرثد قالا ولو ان دموع أهل الأرض جمعت لكان دموع داود اكثر حيث أصاب الخطيئة - ولو ان دموع داود مع دموع أهل الأرض جمعت لكان دموع آدم اكثر - قال شهر بن حوشب بلغني انه مكث ثلاثمائة سنين لا يرفع رأسه حياء من اللّه عز وجل - فَتابَ عَلَيْهِ أى قبل توبته - والتوبة عبارة عن الاعتراف بالذنب والندم عليه والعزم على ان لا يعود - واكتفى بذكر آدم لأن حواء كانت تبعا له في الحكم ولذلك طوى ذكر النساء في اكثر القرآن والسّنن إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرجاع على عباده بالمغفرة - واصل التوبة الرجوع فمن العبد الرجوع من المعصية ومن اللّه الرجوع عن العقوبة إلى المغفرة الرَّحِيمُ (٣٧) المبالغ في الرحمة.
قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً - قيل الهبوط الأول من الجنة والثاني من السماء إلى الأرض - وقيل كرر للتأكيد أو لاختلاف المقصود فان المقصود من الأول العقاب على المعصية ومن الثاني التكليف - وجميعا حال في اللفظ تأكيد في المعنى فلا يستدعى اجتماعهم فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً الفاء للعطف وان حرف شرط وما زائدة أكدت به ان - ولذلك حسن تأكيد الفعل بالنون وان لم يكن فيه معنى الطلب يعنى ان يأتى لكم منى هدى يعنى رسول وكتاب - الخطاب به إلى ذرية آدم فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ الشرط الثاني مع جزائه جزاء للشرط الأول


الصفحة التالية
Icon