ج ١، ص : ٧٩
فبوجوده صلى اللّه عليه وسلم أمهل الكفار واخر عنهم العذاب ورفع عنهم الخسف والمسخ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٤) المغبونين المعذبين في الحال كما كنتم معذبين الهالكين بوقوع الطور لو لم تقبلوا حكم اللّه حينئذ.
وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ اللام موطية للقسم - والسبت في الأصل القطع لأن اللّه تعالى قطع فيها الخلق - أو لأن اليهود أمروا بقطع الأعمال فيه والتجرد للعبادة والقصة انهم كانوا زمن داود عليه السلام نحوا من سبعين « ١ » الفا بأرض حاضر البحر يقال لها ايلة حرم اللّه عليهم صيد السمك يوم السبت وابتلاهم بانه إذا دخل السبت لم يبق حوت في البحر الا اجتمع هناك يخرجون خراطيمهم من الماء حتى لا يرى الماء من كثرتها - ويوم لا يسبتون لا تأتيهم فاحتالوا للصيد وحفروا حياضا وشرعوا إليها الجداول فإذا كان يوم السبت اقبل الموج بالحيتان إلى الحياض فلا يقدرن على الخروج منها لبعد عمقها وقلة مائها فيصطادون يوم الأحد - وقيل كانوا ينصبون الحبائل والشصوص يوم الجمعة ويخرجونها يوم الأحد - وصار أهل القرية ثلثة اصناف صنف امسك ونهى وصنف امسك ولم ينه وصنف انتهك الحرمة - وكان الناهون اثنى عشر الفا فلما أبى المجرمون قبول نصحهم لعنهم داود وغضب اللّه عليهم فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا امر تكوين قِرَدَةً خاسِئِينَ (٦٥) باعدين مطرودين.
فَجَعَلْناها أى تلك العقوبة نَكالًا عبرة تنكل أى تمنع المعتبر ومنه النكل للقيد لِما بَيْنَ يَدَيْها أى لمعاصريهم وَما خَلْفَها أى من بعدهم فما بمعنى من أو لاجل ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر - وقيل فيه تقديم وتأخير تقديره فجعلناها وما خلفها أى ما أعد لهم من العذاب في الاخرة نكالا لمّا بين يديها من ذنوبهم وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٦٦) للمؤمنين من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم.
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ أول هذه القصة قوله تعالى وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها - وانما قدمت عليه ليدل بالاستقلال على نوع اخر من مساويهم وهو الاستهزاء بالأمر والاستقصاء في السؤال وترك المسارعة إلى الامتثال - والقصة انه كان في بنى إسرائيل رجل غنىّ اسمه عاميل وله ابن عم فقير لا وارث له سواه فلما طال له موته قتله ليرثه وحمله
_________
(١) فى الأصل الف


الصفحة التالية
Icon