ج ١، ص : ٩
مضموم - والمعنى يا من هو بالصفات المذكورة نخصك بالعبادة والاستعانة عليها وعلى جميع أمورنا - ومن عادة العرب التفنن في الكلام والالتفات من الغيبة إلى الخطاب وبالعكس ومن التكلم إليهما وبالعكس تنشيطا للسامع - والعبادة أقصى الخضوع والتذلل ومنه طريق معبد أى مذلل والضمير في الفعلين للقارى ومن معه - وفيه اشعار على التزام الجماعة - وقدم المفعول للتعظيم والاهتمام والحصر قال ابن عباس معناه نعبدك ولا نعبد غيرك - رواه ابن جرير وابن أبى حاتم من طريق الضحاك عنه وقيل الواو في وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ للحال أى نعبدك مستعنين بك -.
اهْدِنَا أى أرشدنا بيان للمعونة المطلوب - أو افراد لما هو المقصود الأعظم - والهداية دلالة بلطف ولذلك يستعمل في الخير - وأصله ان يعدى باللام أو إلى وقد يعدى بنفسه - وهذا الدعاء من المؤمنين ومن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم مع كونهم على الهداية لطلب التثبت أو طلب مزيد الهداية فان الألطاف والهدايات من اللّه تعالى لا تتناهى على مذهب أهل السنة الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) قرأ ابن كثير برواية قنبل الصراط معرفا باللام ومضافا في الفاتحة وسائر القرآن وكذا منكرا حيث اتى بالسين على الأصل لأنه من سرط الطّعام أى ابتلعه - والطريق يسرط السابلة والباقون بالصاد وهو لغة قريش - وقرا خلف كلها بين الصاد والزاء وكذا خلاد هاهنا خاصة - والمستقيم المستوي والمراد طريق الحق - وقيل ملة الإسلام « ١ » - والقولان أخرجهما ابن جرير عن ابن عباس.
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (٥) بدل من الأول بدل الكل وفائدته التوكيد والتنصيص على ان طريقهم هو المشهود عليه بالاستقامة والمراد بالذين أنعمت عليهم كل من ثبّته اللّه تعالى على الايمان والطاعة مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ - قرأ حمزة عليهم - إليهم - لديهم - حيث وقع بضم الهاء وصلا ووقفا والباقون بكسرها - وضم ابن كثير كل ميم جمع مشبعا في الوصل إذا لم يلقها ساكن - وقالون يقول
_________
(١) قال أبو العالية والحسن في تفسير اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صراط رسول اللّه وصاحباه - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي. وقال اقتدوا بالذين من بعدي أبى بكر وعمر - منه رحمه اللّه


الصفحة التالية
Icon