ج ١، ص : ٩٧
وهو الظاهر فانهم لو قالوا ذلك لم يرفع عنهم الطور - وَأُشْرِبُوا يعنى تداخل كما يتداخل الصبغ الثوب فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ أى حبه بِكُفْرِهِمْ أى بسبب كفرهم - وذلك انهم لفرط حماقتهم كانوا مجسمة أو حلولية ولم يروا جسما اعجب منه فتمكن في قلوبهم ما سوّل لهم السّامرىّ قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ بالتورية والمخصوص محذوف يعنى هذا الأمر أو ما تفعلون من القبائح الظاهرة القباحة المذكورة في الآيات الثلث إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٩٣) تقدير للقدح في دعواهم والجواب محذوف يدل عليه ما قبله تقديره ان كنتم مؤمنين بالتورية فبئسما يأمركم به ايمانكم بها هذا الأمر لأن المؤمن لا يتعاطى الا ما يقتضيه إيمانه لكن الايمان لا يأمر به فلستم بمؤمنين بها أو ان كنتم مؤمنين بالتورية ما فعلتم تلك القبائح لكنكم فعلتم فلستم بمؤمنين - ولما كانت اليهود يدّعون دعاوى باطلة مثل قولهم لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ - ولَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى - ونَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ كذّبهم اللّه تعالى بقوله.
قُلْ لهم يا محمد إِنْ كانَتْ لَكُمُ خبر كان الدَّارُ الْآخِرَةُ اسمها عِنْدَ اللَّهِ ظرف خالِصَةً يعنى خاصة بكم منصوب على الحال من الدار مِنْ دُونِ النَّاسِ سائرهم واللام للاستغراق أو الجنس - أو المسلمين واللام للعهد فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ يعنى فاسئلوه لأنه من أيقن انه من أهل الجنة ومن أحباء اللّه تعالى تمنى التخلص إليها من الدار ذات الشوائب واشتاق إلى لقاء اللّه تعالى أخرج ابن المبارك في الزهد والبيهقي عن ابن عمر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحفة المؤمن الموت - والديلمي عن جابر مثله وعن الحسين بن على مرفوعا مثله بلفظ الموت ريحانة المؤمن - وقال حبان بن الأسود الموت جسر يوصل الحبيب إلى الحبيب - وهذه الآية والأحاديث تدل على ان القبر أول منزل من منازل الاخرة رواه الترمذي وابن ماجة عن عثمان مرفوعا - وعلى ان الوصل بلا كيف مع اللّه تعالى يحصل بعد الموت قبل القيامة فوق ما كان حاصلا في الدنيا ولو لا ذلك لما كان في تمنى الموت فائدة ولم يكن الموت جسرا موصلا إلى الحبيب - وقيل معنى الآية ادعوا بالموت على الفرقة الكاذبة فهى نظيرة اية الابتهال - روى عن ابن عباس انه صلى اللّه عليه وسلم قال لو تمنوا الموت لغض كل انسان منهم بريقه وما بقي على وجه الأرض يهودى الا مات أخرجه البيهقي في الدلائل وكذا أخرجه البخاري والترمذي عنه مرفوعا بلفظ لو تمنوا الموت لماتوا وأخرج ابن أبى حاتم


الصفحة التالية
Icon