وقال الإمام أحمد عن ( يزيد بن أسيد ) قال :« كنت مع رسول الله ﷺ في غزوة حنين، فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظلال الشجر، فلما زالت الشمس لبست لأمتي، وركبت فرسي، فانطلقت إلى رسول الله ﷺ وهو في فسطاطه، فقلت : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، حان الرواح، فقال :» أجل « فقال :» يا بلال «، فثار من تحت سمرة كأن ظلها ظل طائر، فقال : لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال :» أسرج لي فرسي «، فأخرج سرجاً دفتاه من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر، قال فأسرج فركب وركبنا، فصاففناهم عشيتنا وليلتنا، فتشامت الخيلان، فولى المسلمون مدبرين، كما قال الله تعالى :﴿ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ﴾، فقال رسول الله ﷺ :» يا عباد الله أنا عبد الله ورسوله «، ثم قال :» يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله « قال : ثم اقتحم عن فرسه، فأخذ كفاً من تراب، فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به وجوههم، وقال » شاهت الوجوه « فهزمهم الله تعالى، قال يعلى بن عطاء : فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا : لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه تراباً، وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض، كإمرار الحديد على الطست الجديد. وفي » الصحيحين « عن البراء بن عازب رضي الله عنهما أن رجلاً قال له : يا أبا عمارة أفررتم عن رسول الله ﷺ يوم حنين؟ فقال : لكن رسول الله ﷺ لم يفر، إن هوازن كانوا قوماً رماة، فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا، فأقبل الناس على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام، فانهزم الناس، فلقد رأيت رسول الله ﷺ وأبو سفيان بن الحارث أخذ بلجام بغلته البيضاء، وهو يقول :» أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب « قال تعالى :﴿ ثُمَّ أَنَزلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ ﴾ أي طمأنينته وثباته على رسوله ﴿ وَعَلَى المؤمنين ﴾ أي الذين معه ﴿ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا ﴾ وهم الملائكة، كما قال الإمام أبو جعفر بن جرير عن عبد الرحمن مولى ابن برثن، حدثني رجل كان معه المشركين يوم حنين قال : لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله ﷺ يوم حنين، لم يقوموا لنا حلب شاة، قال :


الصفحة التالية
Icon