ومنهم من يعطي ليحسن إسلامه ويثبت قلبه، كما أعطى يوم حنين أيضاً جماعة من صناديد الطلقاء وأشرافهم مائة من الإبل، مائة من الإبل، وقال :« إني لأعطي الرجل وغيره أحب إليَّ منه خشية أن يكبه الله على وجهه في نار جهنم » وفي « الصحيحين » عن أبي سعيد :« أن علياً بعث إلى النبي ﷺ بذهبيه في تربتها من اليمن فقسمها بين أربعة نفر : الأقرع بن حابس، وعيينة بن بدر، وعلقمة بن علاثة، وزيد الخير، وقال :» أتألفهم «، ومنهم من يعطى لما يرجى من إسلام نظرائه. ومنهم من يعطى ليجبي الصدقات ممن يليه، أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر من أطراف البلاد.
وهل تعطي المؤلفة على الإسلام بعد النبي ﷺ ؟ فيه خلاف، فروي عن عمر وعامر والشعبي وجماعة أنهم لا يعطون بعده، لأن الله قد أعز الإسلام وأهله ومكن لهم في البلاد وأذل لهم رقاب العباد، وقال آخرون : بل يعطون لأنه ﷺ قد أعطاهم بعد فتح مكة وكسر هوازن، وهذا أمر قد يحتاج إليه فيصرف إليهم. وأما الرقاب فروي عن الحسن البصري ومقاتل وسعيد بن جبير أنهم المكاتبون : هو قول الشافعي والليث رضي الله عنهما، وقال ابن عباس والحسن لا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة، وهو مذهب أحمد ومالك أي أن الرقاب أعم من أن يعطى المكاتب أو يشتري ربة فيعتقها استقالاً؛ وفي الحديث :»
ثلاثة حق على الله عونهم : الغازي في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف « وفي » المسند « عن البراء بن عازب قال :» جاء رجل فقال : يا رسول الله دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار، فقال :« أعتق النسمة وفك الرقبة »، فقال : يا رسول الله أو ليسا واحداً؟ قال :« لا، عتق النسمة أن تفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها ». وأما الغارمون فهم أقسام : فمنهم من تحمل حمالة أو ضمن ديناً فلزمه فأجحف بماله أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تاب فهؤلاء يدفع إليهم، لما روي عن أبي سعيد قال :« أصيب رجل في عهد رسول الله ﷺ في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال النبي ﷺ :» اتصدّقوا عليه «، فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال النبي ﷺ لغرمائه :» خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك «


الصفحة التالية
Icon