أي ويقول هؤلاء الكفرة المكذبون المعاندون : لولا أنزل على محمد آية من ربه، يعنون : كما أعطى الله ثمود الناقة، أو أن يحول لهم الصفا ذهباً، أو يزيح عنهم جبال مكة ويجعل مكانها بساتين وأنهاراً، أو نحو ذلك، مما الله عليه قادر، ولكنه حكيم في أفعاله وأقواله، كما قال تعالى :﴿ تَبَارَكَ الذي إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذلك جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً ﴾ [ الفرقان : ١٠ ]، وكقوله :﴿ وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بالآيات إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأولون ﴾ [ الإسراء : ٥٩ ] الآية، يقول تعالى : إن سنتي في خلقي أني إذا آتيتهم ما سألوا، فإن آمنوا وإلا عاجلتهم بالعقوبة، ولهذا لما خير رسول الله ﷺ بين إعطائهم ما سألوا فإن آمنوا وإلا عذبوا، وبين أنظارهم، اختار إنظارهم، كما حمل عنهم غير مرة رسول الله ﷺ، ولهذا قال تعالى إرشاداً لنبيّه ﷺ إلى الجواب عما سألوا :﴿ فَقُلْ إِنَّمَا الغيب للَّهِ ﴾ أي الأمر كله لله وهو يعلم العواقب في الأمور، ﴿ فانتظروا إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المنتظرين ﴾ أي إن كنتم لا تؤمنون حتى تشاهدوا ما سألتم فانتظروا حكم الله فيَّ وفيكم، ولو علم منهم أنهم سألوا ذلك استرشاداً وتثبيتاً لأجابهم، ولكن علم أنهم إنما يسألون عناداً وتعنتاً فتركهم فيما رابهم، وعلم أنهم لا يؤمن منهم أحد لما فيهم من المكابرة كقوله تعالى :﴿ وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السماء ﴾ [ الحجر : ١٤ ] الآية، وقوله تعالى :﴿ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الذين كَفَرُواْ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ [ الأنعام : ٧ ] فمثل هؤلاء لا فائدة من جوابهم لأنه دائر على تعنتهم وعنادهم لكثرة فجورهم وفسادهم، ولهذا قال :﴿ فانتظروا إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ المنتظرين ﴾.