يخبر تعالى عن امرأة العزيز التي كان يوسف في بيتها بمصر، وقد أوصاها « زوجها بإكرامه، فراودته عن نفسه أي حاولته عن نفسه ودعته إليها، وذلك أنها أحبته حباً شديداً لجماله وحسنه وبهائه، فحملها ذلك على أن تجملت له وغلَّقت عليه الأبواب ودعته إلى نفسها ﴿ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ﴾، فامتنع من ذلك أشد الامتناع، ﴿ قَالَ مَعَاذَ الله إِنَّهُ ربي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ﴾، وكانوا يطلقون الرب على السيد والكبير، أي إن بعلك ربي أحسن مثواي أي منزلي، وأحسن إليّ فلا أقابله بالفاحشة في أهله، ﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظالمون ﴾، وقد اختلف القرّاء في قوله :﴿ هَيْتَ لَكَ ﴾، فقرأه كثيرون بفتح الهاء وإسكان الياء وفتح التاء، قال ابن عباس ومجاهد : معناه أنها تدعوه إلى نفسها، وقال البخاري، قال عكرمة :﴿ هَيْتَ لَكَ ﴾، أي هلم لك بالحورانية، هكذا ذكره معلقاً، وكان الكسائي يحكي هذه القراءة يعني :﴿ هَيْتَ لَكَ ﴾ ويقول : هي لغة لأهل حوران، وقعت إلى أهل الحجاز، ومعناها : تعال، وقال أبو عبيدة : سألت شيخاً عالماً من أهل حوران، فذكر أنها لغتهم يعرفها، واستشهد الإمام ابن جرير على هذه القراءة بقول الشاعر :
أبلغ أمير المؤمن... ين أذى العراق إذا أتينا
إن العراق وأهله... عنق إليك فهيت هيتا
يقول : فتعال واقترب، وقرأ آخرون :﴿ هَيْتَ لَكَ ﴾ بكسر الهاء والهمزة وضم التاء، بمعنى تهيأت لك، من قول القائل : هئت بالأمر بمعنى تهيأت لك. قال ابن جرير : وكان أبو عمرو والكسائي ينكران هذه القراءة، وقال آخرون :﴿ هَيْتَ لَكَ ﴾ بكسر الهاء وإسكان الياء وضم التاء.


الصفحة التالية
Icon