ثم إن يوسف عليه السلام أقبل على الفتيين بالمخاطبة والدعاء لهما إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وخلع ما سواه من الأوثان التي يعبدها قومهما، فقال :﴿ ءَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ الله الواحد القهار ﴾ أي الذي ذل كل شيء لعز جلاله وعظمة سلطانه، ثم بين لهما أن التي يعبدونها ويسمونها آلهة إنما هو تسمية من تلقاء أنفسهم، تلقاها خلفهم عن سلفهم، وليس لذلك مستند من عند الله، ولهذا قال :﴿ مَّآ أَنزَلَ الله بِهَا مِن سُلْطَانٍ ﴾ أي حجة ولا برهان ثم أخبرهم أن الحكم والتصرف والمشيئة والملك كله لله، وقد أمر عبادة قاطبة أن لا يعبدوا إلا إياه، ثم قال تعالى :﴿ ذلك الدين القيم ﴾ أي هذا الذي أدعوكم إليه من توحيد الله وإخلاص العمل له، هو الدين المستقيم الذي أمر الله به، وأنزل به الحجة والبرهان الذي يحبه ويرضاه، ﴿ ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي فلهذا كان أكثرهم مشركين، ﴿ وَمَآ أَكْثَرُ الناس وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [ يوسف : ١٠٣ ] جعل سؤالهما له سبباً إلى دعائهما إلى التوحيد والإسلام، لما رأى في سجيتهما من قبول الخير، والإقبال عليه والإنصات إليه، ولهذا لما فرغ من دعوتهما شرع في تعبير رؤياهما من غير تكرار سؤال فقال :﴿ ياصاحبي السجن... ﴾.


الصفحة التالية
Icon