يقول تعالى لرسوله :﴿ وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ ﴾ يا محمد بعض الذي نعد أعداءك من الخزي والنكال في الدنيا، ﴿ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ ﴾ أي قبل ذلك ﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ ﴾ أي إنما أرسلناك لتبلغهم رسالة الله وقد الدنيا، ﴿ وَعَلَيْنَا الحساب ﴾ أي حسابهم وجزاؤهم كقوله تعالى :﴿ إِنَّ إِلَيْنَآ إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ﴾ [ الغاشية : ٢٥-٢٦ ]. وقوله :﴿ أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرض نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ قال ابن عباس : أولم يروا أنا نفتح لمحمد ﷺ الأرض بعد الأرض، وقال مجاهد وعكرمة :﴿ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ﴾ قال : خرابها، وقال الحسن والضحاك : هو ظهور المسلمين على المشركين، قال : نقصان الأنفس والثمرات وخراب الأرض، وقال الشعبي : لو كانت الأرض تنقص لضاق عليك حشك، ولكن تنقص الأنفس والثمرات، وقال ابن عباس في رواية : خرابها بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها. وكذا قال مجاهد أيضاً : هو موت العلماء، وأنشد أحمد بن غزال.

الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيا إذا ما الغيت حلَّ بها وإن أبي عاد في أكنافها التلف
والقول الأول أولى، وهو ظهور الإسلام على الشرك قرية بعد قرية، كقوله :﴿ وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِّنَ القرى ﴾ [ الأحقاف : ٢٧ ] الآية، وهذا اختيار ابن جرير.


الصفحة التالية
Icon