لما ذكر تعالى حال أهل النار، عطف على ذكر أهل الجنة وأنهم في جنات وعيون. وقوله :﴿ آمِنِينَ ﴾ أي سالمين من الآفات مسلم عليكم، ﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ أي من كل خوف وفزع، ولا تشخوا من إخراج ولا انقطاع ولا فناء. وقوله :﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾. عن أبي أمامة قال : لا يدخل الجنة مؤمن حتى ينزع الله ما في صدره من غل حتى ينزع الله ما في صدره من غل حتى ينزع منه مثل السبع الضاري، وهذا موافق لما في « الصحيح » أن رسول الله ﷺ قال :« ويخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة » وقال ابن جرير : دخل عمران بن طلحة على عليّ رضي الله عنه بعدما فرغ من أصحاب الجمل فرحّب به وقال : إني لأرجو أن يجعلني الله وإياك من الذين قال الله :﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾. وعن أبي حبيبة مولى لطلحة قال : دخل عمران بن طلحة على عليّ رضي الله عنه بعدما فرغ من أصحاب الجمل فرحب به وقال : إني لأرجو أن يجعلني الله وإياك من الذين قال الله :﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ قال : ورجلان جالسان إلى ناحية البساط، فقالا : الله أعدل من ذلك تقتلهم بالأمس وتكونون إخواناً، فقال علي رضي الله عنه : قُوما أبعد أرض وأسحقها، فمن هم إذاً إن لم أكن أنا وطلحة؟ وفي رواية : فقام رجل من همدان فقال : الله أعدل من ذلك يا أمير المؤمنين، قال : فصاح به علي صيحة، فظننت أن القصر تدهده لها، ثم قال : إذا لم نكن نحن فمن هم؟ وقال سفيان الثوري : جاء ( ابن جرموز )، قاتل الزبير، يستأذن على علي رضي الله عنه فحجبه طويلاً، ثم أذن له : فقال له : أما أهل البلاء فتجفوهم، فقال عليّ : بفيك التراب، إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله :﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾. وقال الحسن البصري، قال عليّ : فينا والله أهل بدر نزلت هذه الآية :﴿ وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾. وقال الثوري في قوله :﴿ إِخْوَاناً على سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ قال : هم عشرة أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين، وقوله :﴿ مُّتَقَابِلِينَ ﴾ قال مجاهد : لا ينظر بعضهم ثم قفا بعض، وفيه حديث مرفوع.


الصفحة التالية
Icon