يخبر تعالى عن خلقه العالَم العلوي وهو السماوات والعالَم السفلي وهو الأرض بما حوت، وأن ذلك مخلوق بالحق لا للعبث به بل ﴿ لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ الذين أَحْسَنُواْ بالحسنى ﴾ [ النجم : ٣١ ]، ثم نزه نفسه عن شرك من عبد معه غيره وهو المستقل بالخلق وحده لا شريك له، فلهذا يستحق أن يعبد وحده لا شريك له ثم نبّه على خلق جنس الإنسان ﴿ مِن نُّطْفَةٍ ﴾ أي مهينة ضعيفة، فلما استقل ودرج إذا هو يخاصم ربه تعالى ويكذبه ويحارب رسله، وهو إنما خلق ليكون عبداً لا ضداً كقوله تعالى :﴿ وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الكافر على رَبِّهِ ظَهِيراً ﴾ [ الفرقان : ٥٥ ]، وقوله :﴿ أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ ﴾ [ يس : ٧٧ ]. وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن بشر بن جحاش قال : بصق رسول الله ﷺ في كفه، ثم قال :« يقول الله تعالى : ابن آدم! أنَّى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه، حتى إذا سويتك فعدلتك مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد، فجمعت ومنعت، حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت : أتصدق، وأنَّى أوان الصدقة؟ »


الصفحة التالية
Icon