يمتن تعالى على عباده بما خلق لهم من الأنعام وهي ( الإبل والبقر والغنم ) وبما جعل لهم فيها من المصالح والمنافع من أصوافها وأوبارها وأشعارها يلبسون ويفترشون، ومن ألبانها يشربون، ويأكلون من أولادها وما لهم فيها من الجمال وهو الزينة، ولهذا قال :﴿ وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ ﴾، وهو وقت رجوعها عشياً من المرعي، فإنها تكون أمده خواصر وأعظمه ضروعاً، وأعلاه أسنمة، ﴿ وَحِينَ تَسْرَحُونَ ﴾ أي غدوة حين تبعثونها المرعى، ﴿ وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ ﴾ وهي الأحمال الثقيلة التي تعجزون عن نقلها وحملها، ﴿ إلى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأنفس ﴾ وذلك في الحج والعمرة والغزو والتجارة وما جرى ذلك، تستعملونها في أنواع الاستعمال من ركوب وتحميل كقوله تعالى :﴿ الله الذي جَعَلَ لَكُمُ الأنعام لِتَرْكَبُواْ مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُواْ عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الفلك تُحْمَلُونَ ﴾ [ غافر : ٧٩-٨٠ ]، ولهذا قال هاهنا بعد تعداد هذه النعم :﴿ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ ﴾ أي ربكم الذي قيض لكم هذه الأنعام وسخرها لكم كقوله :﴿ وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ ﴾ [ يس : ٧٢ ]، وقال :﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ مِّنَ الفلك والأنعام مَا تَرْكَبُونَ ﴾ [ الزخرف : ١٢ ]، قال ابن عباس :﴿ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ ﴾ أي ثياب، ﴿ وَمَنَافِعُ ﴾ ما تنفعون به من الأطعمة والأشربة، ومنافع نسل كل دابة. وقال مجاهد :﴿ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ ﴾ أي لباس ينسج ﴿ وَمَنَافِعُ ﴾ مركبٌ ولحم ولبن. وقال قتادة : دفء ومنافع يقول : لكم فيها لباس ومنفعة وبُلغة، وكذا قال غير واحد من المفسرين بألفاظ متقاربة.