يقول تعالى : وإذا قيل لهؤلاء المكذبين :﴿ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ﴾ معرضين عن الجواب ﴿ أَسَاطِيرُ الأولين ﴾ أي لم ينزل شيئاً إنما هذا الذي يتلى علينا أساطير الأولين، أي مأخوذ من كتب المتقدمين، كما قال تعالى :﴿ وقالوا أَسَاطِيرُ الأولين اكتتبها فَهِيَ تملى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ [ الفرقان : ٥ ] أي يفترون على الرسول ويقولون أقوالاً متضادة مختلفة كلها باطلة، كما قال تعالى :﴿ انظر كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأمثال فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً ﴾ [ الإسراء : ٤٨ ] وذلك أن كل من خرج عن الحق فمهما قال أخطأ، وكانوا يقولون : ساحر وشاعر وكاهن ومجنون، ثم استقر أمرهم إلى ما اختلقه لهم شيخهم المسمى بالوليد بن المغيرة لما ﴿ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ واستكبر * فَقَالَ إِنْ هاذآ إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ ﴾ [ المدثر : ٢٤ ] أي ينقل، ويحكى : فتفرقوا عن قوله ورأيه قبحهم الله، قال الله تعالى :﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾، أي إنما قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك ليتحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم ويوافقونهم، أي يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم، كما جاء في الحديث :« من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً »، روى العوفي عن ابن عباس في الآية :﴿ لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ القيامة وَمِنْ أَوْزَارِ الذين يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ إنها كقوله :﴿ وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ ﴾ [ العنكبوت : ١٣ ]، وقال مجاهد : يحملون أثقالهم، ذنوبهم وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف عمن أطاعهم من العذاب شيئاً.


الصفحة التالية
Icon