يخبر تعالى أنه لا إله إلا هو، وأنه لا ينبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له، فإنه مالك كل شيء وخالقه وربه ﴿ وَلَهُ الدين وَاصِباً ﴾، قال ابن عباس ومجاهد : أي دائماً، وعن ابن عباس أيضاً : أي واجباً، وقال مجاهد : أي خالصاً له، أي له العبادة وحده ممن في السماوات والأرض، كقوله :﴿ أَلاَ لِلَّهِ الدين الخالص ﴾ [ الزمر : ٣ ]، ثم أخبر أنه مالك النفع والضر، وأن ما بالعباد من رزق ونعمة وعافية ونصر فمن فضله عليهم، وإحسانه إليهم، ﴿ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضر فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ﴾ أي لعلمكم أنه لا يقدر على إزالته إلا هو، فإنكم عند الضرورات تلجأون إليه، وتسألونه وتلحون في الرغبة إليه مستغيثين به، كقوله تعالى :﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِي البحر ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ [ الإسراء : ٦٧ ]، وقال هاهنا :﴿ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضر عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ ﴾ قيل : اللام هاهنا لام العاقبة، وقيل : لام التعليل بمعنى قيضنا لهم ذلك ليكفروا أي يستروا ويجحدوا نعم الله عليهم، مع أنه المسدي إليهم النعم، الكاشف عنهم النقم، ثم توعدهم قائلاً :﴿ فَتَمَتَّعُواْ ﴾ أي اعملوا ما شئتم وتمتعوا بما أنتم فيه قليلاً ﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ أي عاقبة ذلك.


الصفحة التالية
Icon