( رواية شداد بن أوس )
روى الإمام الترمذي، عن جبير بن نفير، عن شداد بن أوس قال، يا رسول الله، كيف أسري بك؟ قال :« صليت لأصحابي صلاة العتمة بمكة معتماً، فأتاني جبريل عليه السلام بدابة أبيض - أو قال بيضاء - فوق الحمار ودون البغل، فقال : اركب، فاستصعب علي، فرازها بأذنها. ثم حملني عليها. فانطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث انتهى طرفها حتى بلغنا أرضاً ذات نخل فأنزلني. فقال : صلِّ، فصليت، ثم ركبت، فقال : أتدري أين صليت؟ قلت : الله أعلم، قال : صليت بيثرب، وصليت بطيبة، فانطلقت تهوي بنا، يقع حافرها عند منتهى طرفها، ثم بلغنا أرضاً، قال : انزل، ثم قال : صلِّ، فصلَّيت، ثم ركبنا، فقال : أتدري أين صليت؟ قلت : الله أعلم، قال : صليت بمدين عند شجرة موسى، ثم انطلقت تهوي بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها، ثم بلغنا أرضاً بدت لنا قصور، فقال : انزل فنزلت، فقال : صلِّ، فصلَّيت، ثم ركبنا، فقال : أتدري أين صليت؟ قلت : الله أعلم، قال : صليت ببيت لحم، حيث ولد عيسى ابن مريم، ثم انطلق بي حتى دخلنا المدينة من بابها اليماني، فأتى قبلة المسجد فربط فيه دابته ودخلنا المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر، فصليت من المسجد حيث شاء الله، وأخذني من العطش أشد ما أخذني، فأتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر عسل أرسل إليّ بهما جميعاً، فعدلت بينهما ثم هداني الله عزَّ وجلَّ فأخذت اللبن فشربت حتى عرقت به جبيني، وبين يدي شيخُ متكئ على مثوات له، فقال : أخذ صاحبك الفطرة إنه ليهدى، ثم انطلق بي حتى أتينا الوادي الذي فيه المدينة فإذا جهنم تنكشف عن مثل الروابي، قلت : يا رسول الله كيف وجدتها؟ قال : وجدتها مثل الحمة السنخة، ثم انصرف بين فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيراً لهم قد جمه فلان فسلمت عليهم، فقال بعضهم : هذا صوت محمد، ثم أتيت أصحابي قبل الصبح بمكة، فأتاني أبو بكر رضي الله عنه، فقال : يا رسول الله أي كنت الليلة فقد التمستك في منامك، فقد علمت أنك أتيت بيت المقدس الليلة، فقال يا رسول الله إنه مسيرة شهر فصفه لي. قال : ففتح لي صراط كأني أنظر إليه لا يسألني عن شيء إلاّ أنبأته. فقال أبو بكر : أشهد أنك لرسول الله، وقال المشركون : انظروا إلى ابن أبي كبشه يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة! قال : فقال : إن من آية ما أقول لكم أني مررت بعير لكم في مكان كذا وكذا، وقد أضلوا بعيراً لهم فجمعه لهم فلان، وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم بكذا، ويأتونكم يوك كذا وكذا، يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان، فلما كان ذلك اليوم أشرف الناس ينظرون حين كان قريباً من نصف النهار، حتى أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذي وصفه رسول الله ﷺ ».


الصفحة التالية
Icon