يقول تعالى :﴿ قُلِ ﴾ يا محمد لهؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله ﴿ ادعوا الذين زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ ﴾ من الأصنام والأنداد فارغبوا إليهم، فإنهم ﴿ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضر عَنْكُمْ ﴾ أي بالكلية، ﴿ وَلاَ تَحْوِيلاً ﴾ أي بأن يحولوه إلى غيركم، والمعنى أن الذي يقدر على ذلك هو الله وحده لا شريك له الذي له الخلق والأمر، قال ابن عباس : كان أهل الشرك يقولون : نعبد الملائكة والمسيح وعزيراً، وهم الذين يدعون، يعني الملائكة، والمسيح وعزيراً، وروى البخاري عن عبد الله بن مسعود في قوله :﴿ أولئك الذين يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوسيلة ﴾ قال ناس من الجن كانوا يعبدون فأسلموا، وفي رواية قال : كان ناس من الإنس يعبدون ناساً من الجن فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم، وقال قتادة، عن ابن مسعود في قوله :﴿ أولئك الذين يَدْعُونَ ﴾ الآية قال : نزلت في نفر من العرب كانوا يعبدون نفراً من الجن فأسلم الجنيون. والإنس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم، فنزلت هذه الآية، وفي رواية عن ابن مسعود : كانوا يعبدون صنفاً من الملائكة يقال لهم الجن فذكره، وقال ابن عباس : هم عيسى وعزير والشمس والقمر، وقال مجاهد : عيسى والعزير والملائكة، واختار ابن جرير قول ابن مسعود لقوله :﴿ يَبْتَغُونَ إلى رَبِّهِمُ الوسيلة ﴾ وهذا لا يعبر به عن الماضي، فلا يدخل فيه عيسى والعزير والملائكة، وقال : والوسيلة هي القربة، كما قال قتادة، ولهذا قال :﴿ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ﴾، وقوله تعالى :﴿ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ لا تتم العبادة إلاّ بالخوف والرجاء، فبالخوف ينكف عن المناهي، وبالرجاء يكثر من الطاعات، وقوله تعالى :﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ﴾ أي ينبغي أن يحذر منه ويخاف من وقوعه وحصوله عياذاً بالله منه.