يقول تعالى إخباراً عن موسى وهارون عليهما السلام : أنهما قالا مستجيرين بالله تعالى شاكيين إليه ﴿ إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يطغى ﴾ يعنيان أن يبدر إليهما بعقوبة، أو يعتدي عليهما فيعاقبهما وهما لا يستحقان منه ذلك، قال عبد الرحمن بن زيد ﴿ أَن يَفْرُطَ ﴾ يعجل، وقال مجاهد يسلط علينا، وقال ابن عباس ﴿ أَوْ أَن يطغى ﴾ يعتدي ﴿ قَالَ لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وأرى ﴾ أي لا تخافا منه فإنني معكما أسمع كلامكما وكلامه، وأرى مكانكما ومكانه، لا يخفى عليّ من أمركم شيء، واعلما أن ناصيته بيدي فلا يتكلم ولا يتنفس ولا يبطش إلاّ بإذني، وأنا معكم بحفظي ونصري، وتأييدي. ﴿ فَأْتِيَاهُ فقولا إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ ﴾ قد تقدم في حديث الفتون عن ابن عباس، أنه قال : مكثا على بابه حيناً لا يؤذن لهما، حتى أذن لهما بعد حجاب شديد. وقوله ﴿ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ ﴾ أي بدلالة ومعجزة من ربك، ﴿ والسلام على مَنِ اتبع الهدى ﴾ أي والسلام عليك إن اتبعت الهدى، ولهذا لما كتب رسول الله ﷺ إلى هرقل عظيم الروم كتاباً كان أوله « بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين »، ولهذا قال موسى وهارون عليهما السلام لفرعون ﴿ والسلام على مَنِ اتبع الهدى * إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَآ أَنَّ العذاب على مَن كَذَّبَ وتولى ﴾ أي قد أخبرنا الله فيما أحاه إلينا من الوحي المعصوم، أن العذاب متمحض لمن كذب بآيات الله وتولى عن طاعته، كما قال تعالى :﴿ فَأَمَّا مَن طغى * وَآثَرَ الحياة الدنيا * فَإِنَّ الجحيم هِيَ المأوى ﴾ [ النازعات : ٣٧-٣٩ ]، وقال تعالى :﴿ فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى * لاَ يَصْلاَهَآ إِلاَّ الأشقى * الذي كَذَّبَ وتولى ﴾ [ الليل : ١٤-١٦ ] وقال تعالى ﴿ فَلاَ صَدَّقَ وَلاَ صلى * ولكن كَذَّبَ وتولى ﴾ [ القيامة : ٢١-٢٢ ] أي كذب بقلبه وتولى بفعله.


الصفحة التالية
Icon