يقول تعالى :﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ ﴾ لهؤلاء المكذبين بما جئتهم به يا محمد، كم أهلكنا من الأمم المكذبين بالرسل قبلهم، فبادوا فليس لهم باقية ولا عين ولا أثر، كما يشاهدون ذلك من ديارهم الخالية، التي خلفوهم فيها يمشون فيها، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي النهى ﴾ أي العقول الصحيحة والألباب المستقيمة، كما قال تعالى :﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأرض فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا ﴾ [ الحج : ٤٦ ]، وقال :﴿ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ القرون يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ﴾ الآية؛ ثم قال تعالى :﴿ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى ﴾ أي لولا الكلمة السابقة من الله وهو أنه لا يعذب أحداً إلاّ بعد قيام الحجة عليه، والأجل المسمى الذي ضربه الله تعالى لهؤلاء المكذبين إلى مدة معينة لجاءهم العذاب بغتة، ولهذا قال لنبيّه مسلياً له :﴿ فاصبر على مَا يَقُولُونَ ﴾ أي من تكذيبهم لك، ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشمس ﴾ يعني صلاة الفجر ﴿ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ﴾ يعني صلاة العصر، كما جاء في « الصحيحين » :« إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا » ثم قرأ هذه الآية، وقال رسول الله ﷺ :« لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها » وفي الحديث الصحيح :« أن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة، ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه، وإن أعلاهم منزلة لمن ينظر إلى الله تعالى في اليوم مرتين » وقوله :﴿ وَمِنْ آنَآءِ الليل فَسَبِّحْ ﴾ : أي من ساعته فتهجد به، وحمله بعضهم على المغرب والعشاء، ﴿ وَأَطْرَافَ النهار ﴾ في مقابلة آناء الليل ﴿ لَعَلَّكَ ترضى ﴾، كما قال تعالى :﴿ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فترضى ﴾ [ الضحى : ٥ ] وفي « الصحيح » :« يقول الله تعالى : يا أهل الجنة فيقولون : لبيك ربنا وسعديك، فيقول : هل رضيتم؟ فيقولون : ربنا وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك؟ فيقول : إني أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون : وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً ».


الصفحة التالية
Icon