يخبر تعالى عن عبده زكريا حين طلب أن يهبه الله ولداً يكون من بعده نبياً، ﴿ إِذْ نادى رَبَّهُ ﴾ أي خفية عن قومه ﴿ رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً ﴾ أي ولا ولد لي ولا وارث يقوم بعدي في الناس ﴿ وَأَنتَ خَيْرُ الوارثين ﴾ دعاء وثناء مناسب للمسألة، قال الله تعالى :﴿ فاستجبنا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يحيى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ﴾ أي امرأته، قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير : كانت عاقراً لا تلد فولدت. وقال عطاء : كان في لسانها طول، فأصلحها الله، وفي رواية : كان في خلقها شيء فأصلحها الله، والأظهر من السياق؛ الأول، وقوله :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الخيرات ﴾ : أي في عمل القربات وفعل الطاعات ﴿ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً ﴾ قال الثوري : رغباً فيما عندنا، ورهباً مما عندنا ﴿ وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ ﴾، قال ابن عباس : أي مصدقين بما أنزل الله، وقال مجاهد : مؤمنين حقاً، وقال أبو العالية : خائفين، وقال الحسن وقتادة والضحّاك ﴿ خاشِعِينَ ﴾ : أي متذللين لله عزّ وجلّ، وكل هذه الأقوال متقاربة. وروى ابن أبي حاتم، عن عبد الله بن حكيم قال : خطبنا أبو بكر رضي الله عنه ثم قال : أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله، وتثنوا عليه بما هو له أهل، وتخلطوا الرغبة بالرهبة، وتجمعوا الإلحاف بالمسألة فإن الله عزّ وجلّ أثنى على زكريا وأهل بيته فقال :﴿ إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الخيرات وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ ﴾.


الصفحة التالية
Icon